الحدود ضَمِنَ دِيَتَهَا كَمَا يَضْمَنُهَا إِذَا جَلَدَهَا فِي شِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ. ثُمَّ إِنْ عَلِمَ بِحَمْلِهَا فَدِيَتُهَا عَلَى عَاقِلَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَعَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: عَلَى عَاقِلَتِهِ.
وَالثَّانِي: فِي بيت المال.
والحال الرابعة: أن يجهض جنينها وتموت، فيضمن دية جنينها. فأما دية نفسها فمعتبر بسبب موتها فإنه لا يخلو من ثلاث أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ لِأَجْلِ الْحَدِّ، فَلَا يَضْمَنُ دِيَتَهَا؛ لِحُدُوثِ تَلَفِهَا عَنْ وَاجِبٍ عَلَيْهَا.
الحال الثانية: أن يكون مِنْ إِجْهَاضِهَا فَيَضْمَنُ دِيَتَهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ عُدْوَانٍ عليها.
الحال الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ مَوْتُهَا مِنَ الْحَدِّ وَالْإِجْهَاضِ مَعًا، فَيَضْمَنُ نِصْفَ دِيَتِهَا لِحُدُوثِ التَّلَفِ عَنْ سَبَبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: وَاجِبٌ وَالْآخَرُ: عُدْوَانٌ.
(فَصْلٌ)
وَإِذَا ذُكِرَتِ امْرَأَةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ بِسُوءٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فأرهبها، فأجهضت ذا بطنها فمن دِيَةِ جَنِينِهَا، وَلَوْ مَاتَتْ هِيَ لَمْ يَضْمَنْهَا. لِأَنَّ الْإِرْهَابَ مُؤَثِّرٌ فِي إِجْهَاضِهَا، وَغَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِي تَلَفِهَا وَلَوْ أَرْهَبَهَا الرَّسُولُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْإِمَامِ كَانَ الرَّسُولُ ضَامِنًا دُونَ الْإِمَامِ.
(مَسْأَلَةٌ)
قال الشافعي: " وَلَوْ حَدَّهُ بِشَهَادَةِ عَبْدَيْنِ أَوْ غَيْرِ عَدْلَيْنِ فِي أَنْفُسِهِمَا فَمَاتَ ضَمِنَتْهُ عَاقِلَتُهُ لِأَنَّ كُلَّ هَذَا خَطَأٌ مِنْهُ فِي الْحُكْمِ وَلَيْسَ عَلَى الجاني شَيْءٌ) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ إِذَا أَقَامَ الْإِمَامُ حَدًّا بِشَهَادَةِ عَبْدَيْنِ، أَوْ فَاسِقَيْنِ، أَوْ كَافِرَيْنِ فَمَاتَ الْمَحْدُودُ ضَمِنَ الْإِمَامُ دِيَتَهُ دُونَ الشُّهُودِ وَلَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ بِزُورٍ ضَمِنَ الشَّاهِدَانِ دِيَتَهُ دُونَ الْإِمَامِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ كَشْفَ الْعَدَالَةِ عَلَى الْإِمَامِ دُونَ الشُّهُودِ فَصَارَ الْإِمَامُ ضَامِنًا لِتَقْصِيرِهِ. وَالصِّدْقُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشُّهُودِ، دُونَ الْإِمَامِ فَضَمِنَ الشُّهُودَ لِكَذِبِهِمْ.
وَالثَّانِي: أَنَّ غَيْرَ الْعَدْلِ لَيْسَ بِمُعْتَرِفٍ بِالتَّعَدِّي فَلَمْ يَضْمَنْ، وَشَاهِدَ الزُّورِ مُعْتَرِفٌ بِالتَّعَدِّي فضمن. فأما الجالد فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ عَلِمَ بِرِقِّ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ فِسْقِهِمَا أَوْ لَمْ يَعْلَمْ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بحكم الإمام. والإمام آمره.
[(مسألة)]
قال الشافعي: " ولو قال الإمام للجالد إنما أضرب هذا ظلما ضمن الجالد والإمام مَعًا) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ قَدِ اسْتُوفِيَتْ في كتاب الجنايات. فإذا أمر الإمام