للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب صوم يوم عرفة ويوم عاشوراء]

قال الشافعي رضي الله عنه: " أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بن شابورٍ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي قَزَعَةَ عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ عَنْ أَبِي حَرْمَلَةَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ السَّنَةِ وَالسَّنَةِ التِّي تليها وصيام يوم عاشوراء يكفر سنة " قال فأحب صومها إلا أن يكون حاجاً فأحب له ترك صوم يوم عرفة لأنه حاج مضح مسافر ولترك النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صومه في الحج وليقوى بذلك على الدعاء وأفضل الدعاء يوم عرفة ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ.

يُسْتَحَبُّ صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ لِغَيْرِ الْحَاجِّ، لِمَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ " صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ " وَرَوَى أَبُو قَتَادَةَ كَفَّارَةُ السَّنَةِ، وَالسَّنَةِ الَّتِي تَلِيهَا وَفِيهِ تَأْوِيلَانِ:

أَحَدُهُمَا: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَغْفِرُ لَهُ ذُنُوبَ سَنَتَيْنِ.

وَالثَّانِي: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعْصِمُهُ فِي هَاتَيْنِ السَّنَتَيْنِ فَلَا يَعْصِي فِيهِمَا، فَأَمَّا صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ لِلْحَاجِّ، فَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ.

أَحَدُهَا: وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَإِسْحَاقَ، أَنَّ الْأَوْلَى لَهُمْ صِيَامُهُ كَسَائِرِ النَّاسِ.

وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ إِنْ كان صيفاً، والأولى لَهُمْ إِفْطَارُهُ وَإِنْ كَانَ شِتَاءً فَالْأَوْلَى لَهُمْ صِيَامُهُ.

وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ: وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَسَائِرِ الْفُقَهَاءِ إِنَّ الْأَوْلَى لَهُمْ أَنْ يُفْطِرُوا يَوْمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>