الْمَصَالِحِ وَلَا مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ لِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى الْغُرَمَاءِ إِلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ وَإِنْ لَمْ يُجْدِ الْحَاكِمُ مُتَطَوِّعًا جَازَ أَنْ يُعْطِيَهُ جُعْلًا فَإِنْ رَأَى مِنَ الْأَصْلَحِ أَنْ يُشَارِطَهُ عَلَيْهِ فَعَلَ وَإِنْ رَأَى أَنْ لَا يُشَارِطَهُ لِيُعْطِيَهُ أُجْرَةَ مِثْلِهِ فَعَلَ وَكَانَتِ الْأُجْرَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إِنْ كَانَ فِيهِ مَالٌ لِمَا فِي ذَلِكَ الْمَصْلَحَةُ الْعَامَّةُ وَيَكُونُ مِنْ خُمْسِ الْخُمْسِ سَهْمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمُرْصَدِ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ الْعَامَّةِ وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْفَيْءِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: وَلَا يَجُوزُ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْأَمْوَالِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَالٌ أَوْ كَانَ فَلَمْ يَسْمَحْ بِهِ الْإِمَامُ إِمَّا لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِ عُذْرٍ دَفَعَ الْحَاكِمُ الْأُجْرَةَ مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ دُونَ الْغُرَمَاءِ، لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي مَالِهِ كَمَا يَدْفَعُ أُجْرَةَ الْوَالِي عَلَى مال اليتيم من ماله.
[(مسألة)]
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَيُبَاعُ فِي مَوْضِعِ سُوقِهِ وَمَا فِيهِ صَلَاحُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَبِيعَ كُلَّ نَوْعٍ مِنَ الْمَتَاعِ فِي سُوقِهِ فيبيع البز في البزازين، ويبيع الْعِطْر فِي الْعَطَّارِينَ، وَيَبِيعُ الرَّقِيقَ فِي النَّخَّاسِينَ لِأَنَّ أَهْلَ سُوقِهِ فِيهِ أَرْغَبُ، وَلِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ هُنَاكَ أَكْثَرُ، وَلِأَنَّهُ مِنَ التُّهْمَةِ أَبْعَدُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَتَاعُ كَثِيرًا يَلْزَمُ فِي نَقْلِهِ مؤونة فيرى الحاكم من الأصلح أنه لا يحمله إِلَى سُوقِهِ وَيَسْتَدْعِي أَهْلَ السُّوقِ إِلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِحَسَبِ الْحَالِ الْمُشَاهَدَةِ وَالصَّلَاحِ الظاهر.
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَا يَدْفَعُ إِلَى مَنِ اشْتَرَى شَيْئًا حَتَى يَقْبِضَ الثَّمَنَ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ أَنَّ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً لَمْ يَلْزَمْهُ تَسْلِيمُهَا إِلَى الْمُشْتَرِي مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ بَذْلُ الثَّمَنِ. فَإِنْ بَذَلَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ وَقَالَ: لَا أَدْفَعُ حَتَّى أَقْبِضَ الْمَبِيعَ فِيهِ أَرْبَعَةُ أَقَاوِيلَ:
أَحَدُهَا: أنَّ الْحَاكِمَ يَأْمُرُهُمَا بِإِحْضَارِ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ إِلَى مَجْلِسِهِ لِيَدْفَعَ كُلَّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بَعْدَ حُصُولِهِمْ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أنَّ الْحَاكِمَ يَنْصِبُ لَهُمَا عَدْلًا يَفْعَلُ ذَلِكَ.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أنَّ الْحَاكِمَ يَدَعُهُمَا وَلَا يُخَيَّرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لَكِنْ يَمْنَعُهُمَا مِنَ الْمُخَاصَمَةِ.
وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ: أنَّهُ يُخَيِّرُ الْبَائِعَ أَوَّلًا ثُمَّ الْمُشْتَرِي بَعْدَهُ. فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَالْجَوَابُ فِي مَتَاعِ الْمُفْلِسِ إِذَا بِيعَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَتَى لَمْ يَظْهَرْ مِنَ الْمُشْتَرِي بَذْلٌ لَمْ يَجُزْ لِلْعَدْلِ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ إِلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute