أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى تَلَفُّظِ الْوَرَثَةِ، لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَتَحَرَّرُ إِلَّا بِلَفْظٍ وَلَمْ يُوجَدْ مِنَ الْمُوصِي، فَاعْتُبِرَ مِنَ الْوَرَثَةِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْتَاجُ عِتْقُهُ إِلَى لَفْظِ الْوَرَثَةِ، لِأَنَّ الْقُرْعَةَ مُمَيِّزَةٌ لِعِتْقٍ قَدْ وَقَعَ، وَلَفْظُ السَّيِّدِ بِعِتْقِهِ فِي الْوَصِيَّةِ هُوَ الْمُوجِبُ لِعِتْقِهِ فَأَقْنَعَ.
فَصْلٌ
وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَمُوتَ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ، وَقَبْلَ قَبْضِ الْوَرَثَةِ، نُظِرَ حَالُ عِتْقِهِ. فَإِنْ كَانَ عِتْقَ مَرَضٍ دَخَلَ فِي قُرْعَةِ الْعِتْقِ، وَلَمْ يَدْخُلْ فِي قُرْعَةِ الرِّقِّ، فَإِنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ قُرْعَةُ الْعِتْقِ بَانَ أَنَّهُ مَاتَ حُرًّا، وَرَقَّ الْآخَرَانِ لِلْوَرَثَةِ وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ قُرْعَةُ الرِّقِّ بَانَ أَنَّهُ مَاتَ عَبْدًا لَا يُحْتَسَبُ بِهِ عَلَى الْوَرَثَةِ، وَاسْتُؤْنِفَتِ الْقُرْعَةُ بَيْنَ الْبَاقِيَيْنِ، وَعَتَقَ بِهَا ثُلُثَا مَنْ قُرِعَ، وَرَقَّ لِلْوَرَثَةِ بَاقِيهِ، وَجَمِيعُ الْآخَرِ.
وَإِنْ كَانَ عِتْقُهُ عِتْقَ وَصِيَّةٍ، فَلَا يَدْخُلُ فِي قُرْعَةِ الرِّقِّ، وَفِي دُخُولِهِ فِي قُرْعَةِ الْعِتْقِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَدْخُلُ فِيهَا، لِأَنَّ تَنْفِيذَ الْوَصِيَّةِ يَلْزَمُ بَعْدَ قَبْضِ الْوَرَثَةِ لِمِثْلَيْهَا، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ خَارِجًا مِنْ جُمْلَةِ التَّرِكَةِ فِي الْعِتْقِ وَالْمِيرَاثِ، وَيُقْرَعُ لِعِتْقِ الْوَصِيَّةِ بَيْنَ الْبَاقِيَيْنِ، وَيُعْتَقُ مِنَ الْقَارِعِ ثُلُثَاهُ، وَيَرِقُّ لِلْوَرَثَةِ ثُلُثُهُ، وَجَمِيعُ الْآخَرِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي قُرْعَةِ الْعِتْقِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي قُرْعَةِ الرِّقِّ لِاسْتِحْقَاقِ عِتْقِهِ بِالْمَوْتِ، فَإِنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ قُرْعَةُ الْعِتْقِ بَانَ أَنَّهُ مَاتَ حُرًّا، وَرَقَّ الْآخَرَانِ لِلْوَرَثَةِ، وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ قُرْعَةُ الرِّقِّ خَرَجَ مِنَ التَّرِكَةِ، وَبَانَ أَنَّهُ مَاتَ عَبْدًا غَيْرَ مَحْسُوبٍ عَلَى الْوَرَثَةِ، وَأَعْتَقَ مِنَ الْآخَرِينَ ثُلُثَا أَحَدِهِمَا بِالْقُرْعَةِ.
وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا فِي مَرَضِهِ قِيمَتُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ، لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ، فَكَسَبَ الْعَبْدُ ثَلَاثَمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَمَاتَ قَبْلَ سَيِّدِهِ، فَإِنْ لَمْ يُخَلِّفْ وَارِثًا غَيْرَ سَيِّدِهِ مَاتَ حُرًّا، لِأَنَّ سَيِّدَهُ قَدْ وَرِثَ كَسْبَهُ بِالْوَلَاءِ، فَخَرَجَ عِتْقُهُ مِنْ ثُلُثِهِ، وَإِنْ خَلَّفَ ابْنًا، وَحُكِمَ لَهُ بِالْمِيرَاثِ دَخَلَ فِي عِتْقِهِ دَوْرٌ، فَرَقَّ لَهُ بَعْضُهُ، وَذَلِكَ بِأَنْ نَجْعَلَ لِلْعَبْدِ بِالْعِتْقِ سَهْمًا وَلِلْكَسْبِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ، وَلِلْوَرَثَةِ سَهْمَيْنِ يَكُونُ جَمِيعُهَا سِتَّةَ أَسْهُمٍ، فَأُسْقِطُ سَهْمَ الْعِتْقِ بِمَوْتِهِ بِخُرُوجِهِ مِنَ التَّرِكَةِ، يَبْقَى خَمْسَةُ أَسْهُمٍ، فَأَقْسِمُ عَلَيْهَا الْكَسْبَ، لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ هُوَ التَّرِكَةَ، يُخْرَجُ قِسْطُ السَّهْمِ مِنْهَا سِتِّينَ وَأَعْتِقُ مِنْهُ بِقَدْرِهَا، فَيُعْتَقُ بِهَا ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ، وَيَرِقُّ خُمْسَاهُ، وَوُرِّثَ ابْنُهُ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ كَسْبِهِ، وَلَمْ يُحْتَسَبْ عَلَى وَرَثَةِ السَّيِّدِ بِخُمْسَيْ رِقِّهِ لِمَوْتِهِ، وَوَرِثُوا خُمْسَيْ كَسْبِهِ، وَذَلِكَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا، وَهُوَ مِثْلَا مَا عَتَقَ مِنْهُ.
: وَلَوْ أعتق عبدا في مرضه قيمته مائة درهم، وَكَسَبَ الْعَبْدُ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute