للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنتاج فيقطع فِيهِ وَجْهًا وَاحِدًا كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى حكمها في جواز البيع والتصرف.

[(فصل)]

وإذا سَرَقَ إِنَاءً فِيهِ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ قُطِعَ فيها.

وقال أبو حنيفة: لا يقطع فيها حَتَّى قَالَ: " لَوْ هَتَكَ حِرْزًا وَسَرَقَ مِنْهُ كوز ذَهَبٍ وَصَبَّ فِيهِ مَاءً وَخَرَجَ بِهِ مِنْ حِرْزِهِ لَمْ يُقْطَعْ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ لَا قَطْعَ فِيهِمَا، وَإِنْ ضَمَّ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ إِلَى مَا لَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ سَقَطَ الْقَطْعُ كَالْمَالِ الْمُشْتَرِكِ بَيْنَ السَّارِقِ وَغَيْرِهِ، وَكَالصَّبِيِّ إِذَا سُرِقَ وَعَلَيْهِ حُلِيٌّ لَا يُقْطَعُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يقطع في الصبي لو انْفَرَدَ.

وَدَلِيلُنَا هُوَ أَنَّ سُقُوطَ الْقَطْعِ عَنْ أَحَدِ الْمَسْرُوقَيْنِ لَا يُوجِبُ سُقُوطَهُ عَنِ الْآخَرِ قِيَاسًا عَلَى انْفِرَادِهِمَا، وَلِأَنَّ مَا لَا يَسْقُطُ فِيهِ الْقَطْعُ بِانْفِرَادِهِ لَا يَسْقُطُ بِضَمِّهِ إِلَى غيره كالعاج إذا كان معيناً بِالْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ، فَأَمَّا سُقُوطُ الْقَطْعِ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرِكِ فَلِأَنَّ لَهُ فِيهِ حَقًّا، وَأَمَّا الْحُلِيُّ عَلَى الصَّبِيِّ فَسُقُوطُ الْقَطْعِ فِيهِ لِبَقَاءِ يَدِ مَالِكِهِ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ يَدِهِ فَعَلَى ما مضى.

[(فصل)]

وإذا سَرَقَ إِنَاءً فِيهِ خَمْرٌ لَمْ يُقْطَعْ فِي الْخَمْرِ، وَفِي قَطْعِهِ فِي الْإِنَاءِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُقْطَعُ لِلتَّعْلِيلِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ سُقُوطَ الْقَطْعِ عَنْ أَحَدِ الْمَسْرُوقَيْنِ لَا يُوجِبُ سُقُوطَهُ عَنِ الْآخَرِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ الخمر يلزم إراقته ولا يجوز أن يقر في إنائه، فصار ذلك شبهة في إِخْرَاجِهِ مِنْ حِرْزِهِ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ بَدَلَ الْخَمْرِ مَاءٌ نَجِسٌ أَوْ بَوْلٌ قُطِعَ فِيهِ، وإن لم يقطع في الماء النجس وفي البول؛ لأن استيفاء البول والماء النجس يجوز، واستبقاء الخمر لا يجوز.

[(مسألة)]

قال الشافعي: " وإن أَعَارَ رَجُلًا بَيْتًا فَكَانَ يُغْلِقُهُ دُونَهُ فَسَرَقَ مِنْهُ رَبُّ الْبَيْتِ قُطِعَ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِذَا أَعَارَهُ بَيْتًا فَأَحْرَزَ الْمُسْتَعِيرُ فِيهِ مَتَاعًا وَتَفَرَّدَ بِغَلْقِهِ فَنَقَبَ الْمُعِيرُ الْبَيْتَ وَسَرَقَ مِنَ الْمَتَاعِ قُطِعَ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ مِنَ الْأَقْسَامِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا قَطْعَ عَلَيْهِ بِحَالٍ احْتِجَاجًا بِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِي عَارِيَتِهِ وَهَذَا نَوْعٌ مِنْهُ.

وَالثَّانِي: أَنَّ لَهُ هَدْمَ البيت ونقبه، فصال الْمَالُ فِي غَيْرِ حِرْزٍ مِنْهُ.

وَدَلِيلُنَا: هُوَ أَنَّهُ قَدْ مَلَكَ مَنَافِعَ الْحِرْزِ بِحَقٍّ فَلَمْ يَكُنْ مِلْكُ الرَّقَبَةِ مَانِعًا مِنْ وُجُوبِ الْقَطْعِ كالإجارة، ولأنه لما حرم عليك هَتْكُ الْحِرْزِ كَتَحْرِيمِهِ عَلَى غَيْرِهِ اقْتَضَى أَنْ يجب

<<  <  ج: ص:  >  >>