وَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ فِي طَرَفٍ فَهِيَ ضَرْبَانِ أَيْضًا عَمْدٌ وَخَطَأٌ.
فَإِنْ كَانَتْ خَطَأً يُوجِبُ الْمَالَ فَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقَاوِيلَ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الْأَرْشَ فِيهَا لِلسَّيِّدِ.
وَالثَّانِي: لِلْأُمِّ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى الْوَلَدِ، فَإِنْ عَتَقَ بِعِتْقِ أُمِّهِ كَانَ الْأَرْشُ لَهُ، وَإِنْ رَقَّ بِرِقِّهَا كَانَ لِلسَّيِّدِ، وَإِنْ كَانَتْ عَمْدًا يُوجِبُ الْقَوَدَ فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مُسْتَحِقِّ الْأَرْشِ فِي الْخَطَأِ، فَإِنْ جَعَلْنَاهُ لِلسَّيِّدِ كَانَ الْقَوَدُ فِي طَرَفِهِ مْسُتَحَقًّا لِلْأُمِّ، وَإِنْ جَعَلْنَاهُ مَوْقُوفًا عَلَى عِتْقِ الْوَلَدِ وَرِقِّهِ فَلَا حَقَّ لِلْأُمِّ فِي الْقَوَدِ، وَهُوَ مَوْقُوفٌ بَيْنَ الْوَلَدِ وَالسَّيِّدِ، فَإِنِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ جَازَ أَنْ يَسْتَوْفِيَاهُ، وَإِنْ تَفَرَّدَ بِهِ أَحَدُهُمَا لَمْ يَجُزْ، لِأَنَّهُ إِنْ تَفَرَّدَ بِهِ الْوَلَدُ جَازَ أَنْ يَكُونَ لِلسَّيِّدِ إِنْ رَقَّ، وَإِنْ تَفَرَّدَ بِهِ السَّيِّدُ جَازَ أَنْ يَكُونَ لِلْوَلَدِ إِنْ عَتَقَ، فَلِذَلِكَ مُنِعَ أَحَدُهُمَا مِنَ التَّفَرُّدِ بِهِ حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَيْهِ أَوْ تَسْتَقِرَّ أُمُّ الْوَلَدِ عَلَى عِتْقٍ فَيَكُونَ الْقَوَدَ لَهُ أَوْ عَلَى رِقٍّ فَيَكُونَ لِسَيِّدِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
وَالْفَصْلُ الثَّانِي: مِنْ أَحْكَامِ الْوَلَدِ فِي كَسْبِهِ إِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاكْتِسَابِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقَاوِيلَ:
أَحَدُهَا: إِنَّ كَسْبَ الْوَلَدِ لِأُمِّهِ تَسْتَعِينُ بِهِ فِي كِتَابَتِهَا، لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهَا فِي الْعِتْقِ، يُعْتَقُ بِعِتْقِهَا فَكَانَ كَسْبُهُ مِثْلَ كَسْبِهَا، وَيَكُونُ لِلْأُمِّ أَنْ تَتَمَلَّكَ أَكْسَابَهُ لِوَقْتِهَا.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّ كَسْبَهُ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّهُ مَمْلُوكُهُ وَالْأُمُّ إِنَّمَا مَلَكَتْ أَكْسَابَ نَفْسِهَا بِالْعَقْدِ، وَالْوَلَدُ تَبَعٌ لَهَا فِي الْعِتْقِ دُونَ الْعَقْدِ، فَخَرَجَتْ أَكْسَابُهُ عَنِ الْعَقْدِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَتَمَلَّكَ أَكْسَابَهُ لِوَقْتِهَا.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: إنْ أَكْسَابَهُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى عِتْقِهِ وَرِقِّهِ، لِاخْتِصَاصِهِ بِأَكْسَابِهِ، وَتَرَدَّدُ حَالُهُ بَيْنَ أَنْ يَعْتِقَ فَيَمْلِكَهَا، أَوْ يَرِقَّ فَتَكُونَ لِسَيِّدِهِ، فَلِذَلِكَ وَجَبَ وَقْفُهَا حَتَّى تَسْتَقِرَّ حَالُهُ عَلَى أَحَدِ أَمَرَيْهِ، فَعَلَى هَذَا إِنْ عَتَقَتِ الْأُمُّ بِمَا أَدَّتْهُ مِنْ كَسْبِهَا مَلَكَ الْوَلَدُ أَكْسَابَ نَفْسِهِ، لِأَنَّهُ قَدْ عَتَقَ بِعِتْقِ أُمِّهِ، وَإِنْ رَقَّتِ الْأُمُّ بِالْعَجْزِ وَلَمْ يَكُنْ فِي كَسْبِ الْوَلَدِ وَفَاءٌ بِالْأَدَاءِ مَلَكَ السَّيِّدُ أَكْسَابَ الْوَلَدِ، لِأَنَّهُ قَدْ رَقَّ بِرِقِّ أُمِّهِ، وَإِنْ كَانَ فِي كَسْبِ الْوَلَدِ حِينَ عَجَزَتْ وَفَاءٌ بِمَالِ كِتَابَتِهَا، فَفِي اسْتِحْقَاقِهَا لَهُ عِنْدَ وَقْفِهِ لِيَتَحَرَّرَ عِتْقُهَا بِأَدَائِهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَسْتَحِقُّهُ، لِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ بَيْنَ الْوَلَدِ وَالسَّيِّدِ، فَلَمْ يَكُنْ لِلْأُمِّ فِيهِ حَقٌّ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: تَسْتَحِقُّهُ فِي تَحْرِيرِ عِتْقِهَا، لِأَنَّهُ وَقْفٌ طَلَبًا لِحَظِّ الْوَلَدِ إِنْ أُعْتِقَ، فَإِذَا أَخَذَتْهُ الْأُمُّ فَمُعْتَقٌ كَانَ أَحْظَّ لِلْوَلَدِ مِنْ أَنْ يَأْخُذَهُ السَّيِّدُ فيرق.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute