للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فَصْلٌ)

وَإِنْ كَانَ طَلَاقُ الزَّوْجِ مِنْهَا، كَأَنَّهُ قَالَ: إِحْدَاكُمَا طَالِقٌ، وَلَمْ يُشِرْ بِالطَّلَاقِ إِلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَلَهُ تَعْيِينُهُ فِيمَنْ شَاءَ بَعْدَ وُقُوعِهِ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ.

وَقَالَ دَاوُدُ: لَا يَقَعُ الْمُبْهَمُ وَلَا يَتَعَيَّنُ إِذَا عَيَّنَهُ، لِأَنَّ مَا لَمْ يَسْتَقِرَّ حُكْمُهُ بِاللَّفْظِ لَمْ يَسْتَقِرَّ حُكْمُهُ بَعْدَ اللَّفْظِ، وَهَذَا فَاسِدٌ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ثَلَاثٌ جَدُّهُنَّ جَدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جَدٌّ: النِّكَاحُ، وَالطَّلَاقُ، وَالرَّجْعَةُ ". وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ مَوْقُوفًا عَلَى الصِّفَاتِ وَالْمُبْهَمُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَلِأَنَّ حُكْمَ اللَّفْظِ مُسْتَقِرٌّ فِي طَلَاقِ إِحْدَاهُمَا، وَإِنَّمَا وُقِفَ تَعَيُّنُ الْمُطَلَّقَةِ عَلَى خِيَارٍ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ أُخِذَ بِالتَّعْيِينِ فِيمَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، وَهَلْ يَكُونُ وَطْؤُهُ تَعْيِينًا لِلطَّلَاقِ فِي غَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، فَإِذَا عُيِّنَ الطَّلَاقُ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَهَلْ يَكُونُ وُقُوعُهُ فِي وَقْتِ اللَّفْظِ أَمْ مِنْ وَقْتِ التَّعْيِينِ عَلَى وَجْهَيْنِ، فَإِنْ فَاتَ التَّعْيِينُ مِنْ جِهَتِهِ فَهَلْ لِلْوَارِثِ تَعْيِينُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.

فَإِذَا ثَبَتَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ وَمَاتَ الرَّجُلُ قَبْلَ التَّعْيِينِ.

فَإِنْ قِيلَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِاللَّفْظِ فَأَوَّلُ الْعِدَّةِ مِنْ حِينِ تَلَفَّظَ بِالطَّلَاقِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ كَمَا لو أوقع الطلاق فيه معنياً فِي اعْتِبَارِهِ تَلَفَّظَ بِالطَّلَاقِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ كَمَا لَوْ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ فِيهِ مُعَيَّنًا فِي اعْتِبَارِهِ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَفِي اعْتِبَارِهِ مَا بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ، وَإِنْ قِيلَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِالتَّعْيِينِ فَأَوَّلُ الْعِدَّةِ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ كَمَا لَوْ مَاتَ عَقِيبَ الطَّلَاقِ الْمُعَيَّنِ.

(فَصْلٌ)

وَإِذَا مَاتَ عَنْ زَوْجَتِهِ فَنَكَحَتْ بَعْدَ شَهْرَيْنِ مِنْ عِدَّتِهِ وَأَصَابَهَا مَعَ دُخُولِ الشُّبْهَةِ عَلَيْهِ وَجَاءَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَعَدِمَتِ الْقَافَةُ فِي إِلْحَاقِهِ بِهِ عُلِمَ أَنَّهُ قَدِ انْقَضَتْ عِدَّةُ إِحْدَاهُمَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ، وَلَزِمَهَا عِدَّةُ الْآخَرِ كَانَ الحمل لاحقاً بالميت اعتدت مِنَ الثَّانِي بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ، وَإِنْ كَانَ لَاحِقًا بِالثَّانِي اعْتَدَّتْ لِلْأَوَّلِ بَقِيَّةَ عِدَّتِهِ شَهْرَيْنِ وَعَشَرَةَ أَيَّامٍ، وَإِذَا أَشْكَلَ فَعَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ بِأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ أَوْ شَهْرَيْنِ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ -.

<<  <  ج: ص:  >  >>