مُطَالَبَةِ الْبَائِعِ بِهَا لِبُطْلَانِ وَكَالَتِهِ فِيهَا وَلَا يَبْرَأُ مِنْهَا فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَبِعْ فَكَانَ جَوَابُهُ فِي بَرَاءَةِ الْمُشْتَرِي مَحْمُولًا عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ وَالَّذِي عِنْدِي أَنَّ نَقْلَ الْمُزَنِيِّ صَحِيحٌ وَأَنَّ بَرَاءَةَ الْمُشْتَرِي مِنَ النِّصْفِ بَرَاءَةٌ تَامَّةٌ غَيْرَ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْمُزَنِيِّ مَحْمُولَةٌ عَلَى الشَّرِيكَيْنِ الْمَأْذُونِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ فَيَبْرَأُ الْمُشْتَرِي بِإِقْرَارِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ بِالْقَبْضِ سَوَاءٌ كَانَ بَائِعًا أَوْ غير بائع فإن أمكن حمل جوابه على الصحة فلا وجهة لتخطئته فِيهِ كَمَا فَعَلَ أَبُو إِسْحَاقَ وَإِنْ أَمْكَنَ إِبْرَاءُ الْمُشْتَرِي مِنْهَا فَلَا وَجْهَ لِحَمْلِهِ عَلَى إِبْطَالِ الْوَكَالَةِ فِيهَا كَمَا نَقَلَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
(مَسْأَلَةٌ)
قَالَ الْمُزَنِيُّ رضي الله عنه: " وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَغَصَبَ رَجُلٌ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا ثُمَّ إِنَّ الْغَاصِبَ وَالشَّرِيكَ الْآخَرَ بَاعَا الْعَبْدَ مِنْ رَجُلٍ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ فِي نَصِيبِ الشَّرِيكِ الْبَائِعِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْغَاصِبِ وَلَوْ أَجَازَهُ الْمَغْصُوبُ لَمْ يَجُزْ إِلَّا بِتَجْدِيدِ بَيْعٍ فِي مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ إِذَا كَانَ عَبْدٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ نَفْسَيْنِ غَصَبَ رَجُلٌ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا ثُمَّ اتَّفَقَ الْغَاصِبُ وَالشَّرِيكُ الْآخَرُ عَلَى بَيْعِ الْعَبْدِ صَفْقَةً عَلَى رَجُلٍ كَانَ الْبَيْعُ فِي الْحِصَّةِ الْمَغْصُوبَةِ بَاطِلًا لِأَنَّهُ بَاعَهَا فِيمَنْ لَا يَسْتَحِقُّ بَيْعَهَا بِمِلْكٍ وَلَا نِيَابَةٍ فَلَوْ أَجَازَهَا الْمَالِكُ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ فِيهَا إِلَّا بِتَجْدِيدِ عَقْدٍ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْعَقْدَ إِذَا وَقَعَ فَاسِدًا لَمْ يَصِحَّ إِلَّا بِالْإِجَازَةِ وَأَمَّا الْبَيْعُ فِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ فَجَائِزٌ قَوْلًا وَاحِدًا وَلَا يَخْرُجُ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ لِأَنَّ الْعَقْدَ مِنَ الِاثْنَيْنِ فِي حُكْمِ الْعَقْدِ بَيْنَ الْمُنْفَرِدَيْنِ وَإِذَا انْفَرَدَ الْعَقْدُ إِنْ لَمْ يَكُنْ فَسَادُ أَحَدِهِمَا مُوجِبًا لِفَسَادِ الْآخَرِ وَلَكِنْ لَوْ أَنَّ الْغَاصِبَ وَكَّلَ الشَّرِيكَ فِي بَيْعِةٍ فَانْفَرَدَ الشَّرِيكُ فِي بَيْعِهِ أَوْ كَانَ الشَّرِيكُ قَدْ وَكَّلَ الْغَاصِبَ فِي بَيْعِ حِصَّتِهِ فَانْفَرَدَ الْغَاصِبُ بِبَيْعِ جَمِيعِهِ كَانَ الْبَيْعُ فِي الْحِصَّةِ الْمَغْصُوبَةِ بَاطِلًا وَهَلْ يَبْطُلُ فِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ الْمَمْلُوكَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute