للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْيَدَيْنِ أَطْوَلَ مِنَ الْأُخْرَى، وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهُ اعْوِجَاجُ الرُّسْغِ إِلَى أَنْ يَخْرُجَ زَنْدُ الذِّرَاعِ عَنْ كُوعِ الْكَفِّ وَأَيُّهُمَا كَانَ فَالدِّيَةُ فِي كَفِّ الْأَعْسَمِ كَامِلَةٌ، لِأَنَّ الْعَسَمَ نَقْصٌ فِي غَيْرِ الْكَفِّ فَسَاوَتْ غَيْرَهَا.

(فَصْلٌ)

وَلَوْ خَلَعَ كَفَّهُ مِنَ الزَّنْدِ حَتَّى اعْوَجَّتْ لَمْ يَجِبْ فِيهِ الْقَوَدُ، لِتَعَذُّرِهِ فِيهِ حُكُومَةٌ، فَإِنْ جُبِرَتْ فَعَادَتْ بِالْجَبْرِ إِلَى اسْتِقَامَتِهَا قَلَّتِ الْحُكُومَةُ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَعُدْ إِلَى الِاسْتِقَامَةِ كَثُرَتْ حُكُومَتُهَا، فَإِنْ قَالَ الْجَانِي: أَنَا أُعِيدُ خَلْعَهَا وَأُجْبِرُهَا لِتَعُودَ إِلَى اسْتِقَامَتِهَا مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ جِنَايَةٍ مِنْهُ، فَإِنْ فَعَلَ وَخَلَعَهَا فَعَادَتْ بَعْدَ الْجَبْرِ مُسْتَقِيمَةً لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ مَا وَجَبَ مِنَ الْحُكُومَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَلَزِمَتْهُ حُكُومَةٌ ثَانِيَةٌ فِي الْخَلْعِ الثَّانِي، غَيْرَ أَنَّ الْحُكُومَةَ الْأُولَى أَكْثَرُ، لِأَنَّهَا عَادَتْ مُعْوَجَّةً، وَالْحُكُومَةُ الثَّانِيَةُ أَقَلُّ، لِأَنَّهَا عَادَتْ مُسْتَقِيمَةً، وَهَكَذَا لَوْ كَسَرَ ذِرَاعَهُ مِنَ الْعَظْمِ حَتَّى انْقَصَفَ وَتَشَظَّى فَإِنْ جُبِرَتْ وَعَادَتْ إِلَى حَالِهَا فَفِيهَا حُكُومَةٌ بِقَدْرِ الْأَلَمِ وَالشَّيْنِ، وَإِنْ عَادَتْ بَعْدَ الْجَبْرِ نَاقِصَةَ الْبَطْشِ زِيدَتِ الْحُكُومَةُ فِي ذَهَابِ الْبَطْشِ، فَإِنْ ذَهَبَ جَمِيعُ بَطْشِهَا كَمُلَتْ دِيَتُهَا كَالشَّلَلِ، وَكَذَلِكَ مِثْلُهُ إِذَا كَانَ فِي خَلْعِ الْقَدَمِ وَكَسْرِ الساق وبالله التوفيق.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ خُلِقَتْ لِرَجُلٍ كَفَّانِ فِي ذِرَاعِ إِحْدَاهُمَا فَوْقَ الْأُخْرَى فَكَانَ يَبْطِشُ بِالسُّفْلَى وَلَا يَبْطِشُ بِالْعُلْيَا فَالسُّفْلَى هِيَ الْكَفُّ الَّتِي فِيهَا الْقَوَدُ وَالْعُلْيَا زَائِدَةٌ وَفِيهَا حُكُومَةٌ وَكَذَلَكِ قَدَمَانِ فِي ساق فإن استوتا فهما ناقصتان فإن قطعت إحداهما ففيها حكومة لا تجاوز نصف دية قدم وإن قطعتا معا ففيهما دية قدم ويجاوز بها دية قدم وإن قطعت إحداهما ففيها حكومة فإن عملت الأخرى لما انفردت ثم عاد فقطعها وهي سالمة يمشي عليها ففيها القصاص مع حكومة الأولى ".

قال الماوردي: وهذا كما قال، إذا خلق لرجل كفان في ذراع أو ذرعان فِي عَضُدٍ، أَوْ عَضُدَانِ فِي مَنْكِبٍ فَلَا يَخْلُو حَالُهُ فِيهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ لَا يَبْطِشَ بِهِمَا وَلَا بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَهُمَا يَدٌ نَاقِصَةٌ لَا قَوَدَ فِيهِمَا، وَلَا فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَلَا دِيَةَ فِيهِمَا وَلَا فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، لِأَنَّ عَدَمَ الْبَطْشِ قَدْ أَذْهَبَ بِمَنَافِعِهِمَا، وَذَهَابُ الْمَنَافِعِ يَمْنَعُ مِنَ الْقَوَدِ وَالدِّيَةُ كَالشَّلَلِ، وَفِيهِمَا حُكُومَةٌ لَا يَبْلُغُ بِهَا دِيَةَ يَدٍ بَاطِشَةٍ، وَفِي إِحْدَاهُمَا حُكُومَةٌ عَلَى النِّصْفِ مِنْ حُكُومَتِهِمَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ إِحْدَاهُمَا أَزْيَدَ شَيْنًا فَيُزَادُ فِي حُكُومَتِهَا، فَلَوْ بَطَشَتِ الْبَاقِيَةُ مِنْهُمَا بَعْدَ الْمَقْطُوعَةِ عُلِمَ أَنَّهَا هِيَ الْيَدُ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ فَيَجِبُ فِيهَا الْقَوَدُ إِنْ قُطِعَتْ وَكَمَالُ الدِّيَةِ.

(فَصْلٌ)

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أن يبطش بأحدهما لا يَبْطِشَ بِالْأُخْرَى، فَالْبَاطِشَةُ هِيَ الْيَدُ وَفِيهَا الْقَوَدُ أَوِ الدِّيَةُ، وَغَيْرُ الْبَاطِشَةِ هِيَ الزَّائِدَةُ لَا قَوَدَ فِيهَا وَلَا دِيَةَ، وَفِيهَا حُكُومَةٌ،

<<  <  ج: ص:  >  >>