أَحَدُهَا: أَنْ يُحْكُمَ بِحَرِيَّةِ جَمِيعِهِ، فَيُؤْخَذَانِ جَمِيعًا بِنَفَقَتِهِ، فَلَوْ أُلْحِقَ بِأَحَدِهِمَا رَجَعَ الْآخَرُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَحْكُمَ بِحُرِّيَّةِ نِصْفِهِ وَرِقِّ نِصْفِهِ، فَيُؤْخَذَانِ جَمِيعًا بِهَا، وَلَا رُجُوعَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ إِذَا لَحِقَ بِهِ لِأَنَّ الْآخَرَ يَصِيرُ مَالِكًا لِرِقِّهِ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَحْكُمَ بِحَرِيَّةِ نِصْفِهِ وَوُقُوفِ نِصْفِهِ فَيُؤْخَذَانِ جَمِيعًا بِنَفَقَتِهِ، فَإِنْ أُلْحِقَ بِالْمُوسِرِ وَبَانَ بَاقِيهِ حُرًّا رَدَّ عَلَى صَاحِبِهِ مَا أَنْفَقَ، وَإِنْ لَحِقَ بِالْمُعْسِرِ وَبَانَ بَاقِيهِ مَمْلُوكًا فَلَا تَرَاجُعَ بَيْنَهُمَا.
وَأَمَّا نَفَقَةُ الْأُمِّ فَإِنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ بِحَالِهَا وَهِيَ تَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ قَدْ تَحَرَّرَ عِتْقُ جَمِيعِهَا بِالْأَدَاءِ، فَنَفَقَتُهَا سَاقِطَةٌ عَنْهَا، فَلَا يُؤْخَذُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِهَا.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ جَمِيعُهَا قَدْ صَارَ أُمَّ وَلَدٍ، لِعَجْزِهَا وَلِيَسَارِ الْوَاطِئَيْنِ فَنَفَقَتُهَا وَاجِبَةٌ، وَيُؤْخَذَانِ جَمِيعًا بِهَا.
فَإِذَا بَانَ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ رَجَعَ الْآخَرُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ نِصْفُهَا أُمَّ وَلَدٍ وَنِصْفُهَا مَمْلُوكًا لِعَجْزِهَا وَإِعْسَارِ الْوَاطِئَيْنِ، فَنَفَقَتُهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِمَا وَمُسْتَقِرَّةٌ بَيْنَهُمَا، وَلَا رُجُوعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بَعْدَ الْبَيَانِ لِأَنَّهَا إِذَا صَارَ نِصْفُهَا أُمَّ وَلَدٍ لِأَحَدِهِمَا فَقَدْ صَارَ نِصْفُهَا الْبَاقِي مَرْقُوقًا لِلْآخَرِ، فَاسْتَوَيَا فِي الْتِزَامِهَا فَسَقَطَ التَّرَاجُعُ.
مَسْأَلَةٌ
قال الشافعي رضي الله عنه: (وَلَوْ جَاءَتْ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِوَلَدٍ يَدَّعِيهِ وَلَمْ يَدَّعِهِ صَاحِبُهُ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مُوسِرًا أَدَّى نِصْفَ قِيمَتِهَا وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ وَعَلَيْهِ نِصْفُ مَهْرِهَا لِشَرِيكِهِ وَالْقَوْلُ فِي نِصْفِ وَلَدِهَا كَمَا وَصَفْتُ وَيَلْحَقُ الْوَلَدُ الْآخَرُ بِالْوَاطِئِ الْآخَرِ وَعَلَيْهِ مَهْرُهَا كُلُّهُ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ سَقَطَ تَكُونُ قِصَاصًا مِنْ نِصْفِ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ وَإِنَّمَا لَحِقَ وَلَدُهَا بِهِ بِالشُّبْهَةِ (قَالَ المزني) وقد مضى قوله في هذه المسألة بما قلت لأنه لو لم تكن للأول أم ولد إلا بعد أداء نصف القيمة لما كان على المحبل الثاني جميع مهرها ولا قيمة ولده منها فتفهم ذلك) .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُصَوَّرَةٌ فِي وَطْءِ الشَّرِيكَيْنِ إِذَا وَضَعَتْ مِنْهُمَا وَلَدَيْنِ، وَتَعَيَّنَ وَلَدُ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا وَوَلَدُ الثَّانِي مِنْ غَيْرِ اخْتِلَافٍ وَلَا دَعْوَى اسْتِبْرَاءٍ، فَيَلْحَقُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَدُهُ، وَيُعَزَّرَانِ إِنْ عَلِمَا، وَلَا يُحَدَّانِ لِمَا ذَكَرْنَا، وَقَدْ صَوَّرَهَا