وَأَمَّا مَا اخْتَلَفَا فِيهِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي أَنَّ جَمِيعَهَا أُمُّ وَلَدٍ لَهُ، وَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا وَالْآخَرُ يُنْكِرُهُ فَيَكُونُ أَمْرُهَا مَوْقُوفًا بَعْدَ التَّحَالُفِ، وَلَا قِيمَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِيهَا وَلَا تَعْتِقُ بِمَوْتِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ أُمَّ وَلَدٍ لِلْآخَرِ فَإِذَا مَاتَا جَمِيعًا عَتَقَتْ، لِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لِأَحَدِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ، وَيَكُونُ وَلَاؤُهَا مَوْقُوفًا عَلَى بَيَانٍ إِنْ تَحَدَّدْ. وَأَمَّا قِيمَةُ الْوَلَدِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُقِرٌّ بِنِصْفِهَا فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَمُنْكرٌ مَا سِوَاهَا، وَهُوَ فِي الْقَوْلِ الْآخَرِ مُنْكِرٌ لِجَمِيعِهَا، فَإِنْ عَمِلَ بِالْقَوْلِ الأول تقاصا نصف القيمة، وقف الْبَاقِي عَلَى الْبَيَانِ كَالْمَهْرِ، وَإِنْ عَمِلَ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَقَفَ جَمِيعَ الْقِيمَةِ عَلَى الْبَيَانِ كَالْأُمِّ، وَيَخْتَصُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنَفَقَةِ وَلَدِهِ، وَيَشْتَرِكَانِ فِي نَفَقَةِ الْأُمِّ حَتَّى يَقَعَ الْبَيَانُ فَيَسْتَحِقَّ التَّرَاجُعُ.
فَصْلٌ
وَلَوْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ لَمْ يَكُنْ لِتَنَازُعِهِمَا تَأْثِيرٌ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَسْتَوِي حُكْمُهُ فِي تَقَدُّمِهِ وَتَأَخُّرِهِ، لِأَنَّ نِصْفَهَا أُمُّ وَلَدٍ لِلْأَوَّلِ، وَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَاقِيهَا، وَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ وَنِصْفُ وَلَدِهِ حُرٌّ وَفِي نِصْفِهِ الْآخَرِ وَجْهَانِ وَإِذَا كَانَا فِي التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ سَوَاءً سَقَطَ حُكْمُ تُنَازِعِهِمَا، وَكَانَ نِصْفُهَا أُمَّ وَلَدٍ لِأَحَدِهِمَا، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ أُمَّ وَلَدٍ لِلْآخَرِ، فَأَيُّهُمَا مَاتَ عَتَقَ نَصِفُهَا بِمَوْتِهِ، وَكَانَ عِتْقُ النِّصْفِ الْآخَرِ مَوْقُوفًا عَلَى مَوْتِ الْآخَرِ، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ نِصْفُ الْمَهْرِ فَيَتَقَاصَّانِهِ، وَفِي قِيمَةِ نِصْفِ وَلَدِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَجِبُ وَيَكُونُ مَمْلُوكًا لِصَاحِبِهِ وَلَا قِصَاصَ، وَلَا عِتَاقَ.
وَالثَّانِي: يَجِبُ وَيَصِيرُ جَمِيعُهُ حُرًّا وَيَتَقَاصَّانِ ذَلِكَ وَيَتَرَاجَعَانِ فَضْلًا إِنْ كَانَ فِيهِ وَيَكُونُ وَلَاؤُهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلَا تُوقَفُ، وَنَقَلَ الربيع في كتاب (الأم) أن ولاؤها مَوْقُوفٌ إِذَا كَانَا مُوسِرَيْنِ أَوْ مُعْسِرَيْنِ فَسَوَّى وُقُوفَ الْوَلَاءِ بَيْنَ الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ الْمُزَنِيُّ لِأَنَّ الْوَلَاءَ فِي الْيَسَارِ مُشْكَلٌ، فَلِذَلِكَ كَانَ مَوْقُوفًا وَفِي الْإِعْسَارِ غَيْرُ مُشْكَلٍ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ مَوْقُوفًا، وَلِأَصْحَابِنَا عَمَّا نَقَلَهُ الرَّبِيعُ جَوَابَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَجَابَ بِهِ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ: أَنَّهُ سَهْوٌ مِنْهُ فِي النَّقْلِ.
وَالثَّانِي: وَهُوَ جَوَابُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ مُعْسِرَيْنِ وَقْتَ التَّنَازُعِ، مُوسِرَيْنِ وَقْتَ الْإِحْبَالِ.
وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا، فَنِصْفُهَا أُمُّ وَلَدٍ لِلْمُوسِرِ مِنْ غَيْرِ تَنَازُعٍ، وَإِنَّمَا يَتَنَازَعَانِ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ مِنْهُمَا فَالْمُوسِرُ يَقُولُ: هِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِي بِالْقِيمَةِ لِتَقَدُّمِي فِي الْإِيلَادِ. وَالْمُعْسِرُ يَقُولُ: هِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِي بِالْمِلْكِ لِتَقَدُّمِي بِالْإِيلَادِ، فَيَكُونُ وَلَاءُ نِصْفِها الَّذِي تَنَازَعَاهُ مَوْقُوفًا، وَوَلَاءُ نِصْفِهَا لِلْمُوسِرِ، وَنَقَلَ الْمُزَنِيُّ هَاهُنَا أَنَّ جَمِيعَ وَلَائِهَا مَوْقُوفٌ إِذَا كَانَا مُوسِرَيْنِ أَوْ أحدهما.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute