للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(مسالة:)]

قال الشافعي رضي الله عنه: (وَإِنْ كَانَ أَبْكَمَ أَوْ أَصَمَّ يَعْقِلُ أَوْ أَحْمَقَ أَوْ ضَعِيفَ الْبَطْشِ (قَالَ) فِي الْقَدِيمِ الأخرس لا يجزئ (قال المزني) رحمه الله أولى بقوله إنه يجزئ لأن أصله أن ما اضر بالعمل ضرراً بيناً لم يجز وإن لم يضر كذلك أجزأ (قال) والذي يجن ويفيق يجزئ وإن كان مطبقا لم يجزئ ويجوز المريض لأنه يرجى والصغير كذلك) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: فَأَمَّا الْأَصَمُّ فَيُجْزِئُ لِأَنَّ الصَّمَمَ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْعَمَلِ وَأَمَّا الْأَخْرَسُ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ يُجْزِئُ وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ لَا يُجْزِئُ فَكَانَ الْمُزَنِيُّ يَحْمِلُ ذَلِكَ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْنِ: وَذَهَبَ سَائِرُ أَصْحَابِنَا إِلَى أَنَّهُ عَلَى اخْتِلَافِ حَالَيْنِ وَاخْتَلَفُوا فِيهِمَا عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْقَدِيمِ لَا يُجْزِئُ إِذَا كَانَ أَبْكَمَ قَدْ جَمَعَ بَيْنَ الْخَرَسِ وَالصَّمِّ لِأَنَّهُمَا نُقْصَانٌ يَضُرُّ اجْتِمَاعُهُمَا بِالْعَمَلِ، وَقَوْلُهُ فِي الْجَدِيدِ أَنَّهُ يُجْزِئُ إِذَا انْفَرَدَ بِالْخَرَسِ دُونَ الصَّمِّ.

وَالثَّانِي: أَنَّ اخْتِلَافَ حَالَيْهِمَا إِنَّ قَوْلَهُ فِي الْقَدِيمِ لَا يُجْزِئُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَفْهَمُ الْإِشَارَةَ فِي خَرَسِهِ وَقَوْلَهُ فِي الْجَدِيدِ يُجْزِئُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ يَفْهَمُ الْإِشَارَةَ فِي خَرَسِهِ.

وَأَمَّا الضَّعِيفُ الْبَطْشُ لِضُؤُولَةِ جِسْمِهِ وَدِقَّةِ عَظْمِهِ فَإِنْ ضَعْفَ بَطْشِهِ قَدْ فَوَّتَ أَكْثَرَ عَمَلِهِ لَمْ يُجْزِهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ فَوَّتَ أَقَلَّهُ أَجْزَأَهُ.

وَأَمَّا الْمَرِيضُ فَإِنْ كَانَ مَرْجُوَّ الْبُرْءِ أَجْزَأَ وَإِنْ مَاتَ لِأَنَّهُ قل ما يَخْلُو جِسْمٌ مِنْ مَرَضٍ، وَإِنْ كَانَ مَخُوفًا لَمْ يُجْزِهِ وَإِنْ كَانَ عَاشَ، وَأَمَّا عُلُوُّ السِّنِّ فَإِنْ أَفْضَى لِلْهَرَمِ وَذَهَابِ الْبَطْشِ لَمْ يُجْزِهِ وَإِنْ كَانَ نَاهِضَ الْحَرَكَةِ ظَاهِرَ الْبَطْشِ أَجْزَأَهُ.

فَأَمَّا الطِّفْلُ الصَّغِيرُ فَيُجْزِئُ وَإِنْ كَانَ ابْنَ يَوْمِهِ لِأَنَّهُ مُتَوَجِّهٌ إِلَى الزِّيَادَةِ وَالْكَمَالِ فَأَشْبَهَ الْمَرَضَ الْمَرْجُوَّ، وَقَدْ ذَكَرْنَا الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغِرَّةِ فِي دِيَةِ الْجَنِينِ.

وَأَمَّا الْأَعْرَجُ فَإِنْ كَانَ مُقَصِّرًا فِي مَشْيِهِ مُؤَثِّرًا فِي حَرَكَتِهِ لَمْ يُجْزِهِ وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِهِ أَجْزَأَهُ وَيُجْزِئُ الْأَغْشَمُ وَالْأَخْشَمُ وَعِتْقُ غَيْرِ ذِي الصِّنَاعَةِ وعتق الفاسد وَوَلَدِ الزِّنَا، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ لَا يُجْزِئُ عِتْقُ وَلَدِ الزِّنَا لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (وَلَدُ الزِّنَا شَرُّ الثَّلَاثَةِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>