للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي: أَنْ يُمَلِّكَهَا طَلَاقَ نَفْسِهَا أَوْ يَجْعَلَ ذَلِكَ إِلَى مَشِيئَتِهَا فَتُطَلِّقُ نَفْسَهَا وَتَشَاءُ طَلَاقَ نَفْسِهَا فَتَقَعُ الْفُرْقَةُ بِهِمَا إِلَّا أَنَّ جِهَةَ الزَّوْجِ أَغْلَبُ لِلْأَمْرَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ وَهُوَ أَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ جِهَتِهِ وَقَعَتْ، وَلِأَنَّهُ قَدْ كَانَ يَقْدِرُ أَنْ يَجْعَلَ طَلَاقَهَا إِلَى غَيْرِهَا أَوْ أَنْ تُعَلِّقَهُ بِمَشِيئَةِ غَيْرِهَا فَيَكُونُ فِي حُكْمِ الطَّلَاقِ إِذَا انْفَرَدَ الزَّوْجُ بِإِيقَاعِهِ فِي وُجُوبِ الْمُتْعَةِ بِهِ عَلَى مَا فَصَّلْنَا.

وَأَمَّا مَا يُغَلَّبُ فِيهِ جِهَةُ الزَّوْجَةِ فَهُوَ أَنْ تَكُونَ أَمَةً فَيَبْتَاعَهَا الزَّوْجُ مِنْ سَيِّدِهَا فَقَدْ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ مِنْ جِهَتِهَا؛ لِأَنَّهَا تَمَّتْ بِبَيْعِ السَّيِّدِ، وَابْتِيَاعِ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ مِنْ جِهَتِهَا فَظَاهِرُ نَصِّ هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّهُ لَا مُتْعَةَ لَهَا وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْقَدِيمِ، وَقَالَ فِي الْإِمْلَاءِ: لَهَا الْمُتْعَةُ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إِلَى تَخْرِيجِ ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْقَدِيمِ وَالْمُشَارُ إِلَيْهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّهُ لَا مُتْعَةَ لَهَا؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِمَنْزِلَةِ الزَّوْجِ فِي الْخُلْعِ فَاقْتَضَى أَنْ يُغَلَّبَ جِهَةُ السَّيِّدِ هَاهُنَا فِي سُقُوطِ الْمُتْعَةِ كَمَا يُغَلَّبُ فِي الْخُلْعِ جِهَةُ الزَّوْجِ فِي وُجُوبِ الْمُتْعَةِ، وَلِأَنَّ السَّيِّدَ قَدْ كَانَ يَصِلُ إِلَى بَيْعِهَا مِنْ غَيْرِهِ فَصَارَ اخْتِيَارُهُ لِلزَّوْجِ اخْتِيَارًا لِلْفُرْقَةِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْإِمْلَاءِ لَهَا الْمُتْعَةُ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِي يَتَسَاوَيَانِ فِي وُقُوعِ الْعَقْدِ بِهِمَا وَقَدِ اخْتَصَّ الزَّوْجُ بِمُبَاشَرَةِ الْعَقْدِ دُونَهَا فَاقْتَضَى أَنْ يَتَرَجَّحَ حَالُهُ فِي وُجُوبِ الْمُتْعَةِ عَلَيْهَا، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ: لَيْسَ ذَلِكَ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْنِ، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى اخْتِلَافِ حَالَيْنِ فَنَصُّهُ فِي الْقَدِيمِ، وَفِي هَذَا الْمَوْضِعِ عَلَى أَنْ لَا مُتْعَةَ لَهَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَدْعِي لِلْبَيْعِ هُوَ السَّيِّدُ فَغَلَبَتْ جِهَتُهُ فِي سُقُوطِ الْمُتْعَةِ، وَنَصُّهُ فِي الْإِمْلَاءِ أَنَّ لَهَا الْمُتْعَةَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَدْعِي لِلْبَيْعِ هُوَ الزَّوْجُ فغلبت جهته في وجوب المتعة.

فَصْلٌ: الْقِسْمُ الْخَامِسُ

وَأَمَّا الْقِسْمُ الْخَامِسُ: وَهُوَ أَنْ تَكُونَ الْفُرْقَةُ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَهُوَ أَنْ تَكُونَ زَوْجَتُهُ صَغِيرَةً فَتُرْضِعَهَا أُمُّهُ أَوْ بِنْتُهُ فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ، فَتَكُونُ هَذِهِ الْفُرْقَةُ كَالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِكُ بِهَا نِصْفَ الْمُسَمَّى فَوَجَبَ أَنْ تَسْتَحِقَّ الْمُتْعَةَ عِنْدَ عَدَمِ الْمُسَمَّى، وَتَرْجِعَ بِالْمُتْعَةِ عَلَى الَّتِي حَرَّمَتْهَا كَمَا تَرْجِعُ عَلَيْهَا بِصَدَاقِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَرْعٌ: وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَأَصْدَقَهَا أَنْ تُعْتِقَ عَبْدَهُ سَالِمًا عَنْهَا صَحَّ الصَّدَاقُ وَعَلَيْهِ عِتْقُهُ عَنْهَا؛ لِأَنَّ الْمُعَارَضَةَ عَلَى هَذَا الْعِتْقِ جَائِزَةٌ فَلَوْ أَعْتَقَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَتِهِ، وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَبْلَ عِتْقِهِ عَنْهَا فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>