خِلْطَتِهِمْ وَلَا يَكُونُ إِفْلَاسُ مَيِّتِهِمْ مَانِعًا مِنَ اسْتِحْقَاقِهَا لِأَنَّ لَهُمْ قَضَاءُ الدُّيُونِ وَاسْتِيفَاءُ الشِّقْصِ فَإِنْ تَعَجَّلَ شُفْعَتَهُمْ فَأَخَذَ حِصَّتَهُمْ بِالشُّفْعَةِ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذُوا مَا اسْتَحَقُّوهُ بَطَلَتِ الشُّفْعَةُ فِيهِ لِزَوَالِ مِلْكِهِمُ الَّذِي اسْتَحَقُّوا الشُّفْعَةَ بِهِ وَكَانَ لِشَفِيعِهِمْ أَنْ يَأْخُذَهُ بِشُفْعَتِهِ أَيْضًا، وَإِنْ تَعَجَّلُوا أخذ ما بيع في خلطهم وَقَبْلَ أَنْ تُؤْخَذَ حِصَّتُهُمْ بِالشُّفْعَةِ جَازَ وَلَا يُمْنَعُ مِنْهَا مَا وَجَبَ مِنَ الشُّفْعَةِ فِي حِصَّتِهِمْ ثُمَّ لِشَفِيعِهِمْ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُمْ بِشُفْعَتِهِ فَإِنْ أَخْذَهَا بِالشُّفْعَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمْ مَا أَخَذُوا بِالشُّفْعَةِ وَإِنْ عَفَا عَنِ الشُّفْعَةِ فِي حِصَّتِهِمْ كَانَ لَهُ أَنْ يُشَارِكَهُمْ فِيمَا أَخَذَهُ بِالشُّفْعَةِ لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي الْمِلْكِ.
فَصْلٌ
: وَلَوْ مَاتَ رَجُلٌ وَتَرَكَ دَارًا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِبَعْضِهَا فَبِيعَ مِنْهَا بِقَدْرِ دَيْنِهِ لَمْ يَكُنْ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَأْخُذُوا الْمَبِيعَ مِنْهَا بِالشُّفْعَةِ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا شُرَكَاءَ لِمَيِّتِهِمْ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ كَانُوا قَادِرِينَ عَلَى اسْتِيفَاءِ مِلْكِهِ بقضاء الدين في أَمْوَالِهِمْ وَلَوْ كَانَ مَيِّتُهُمْ وَصَّى بِبَيْعِ بَعْضِهَا فِي وَصِيَّتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهِ شُفْعَةٌ لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ، أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا شُرَكَاءَ لِمَيِّتِهِمْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
مَسْأَلَةٌ
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " فَإِنْ حَضَرَ أَحَدُ الشُّفَعَاءِ أَخَذَ الْكُلَّ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فَإِنْ حَضَرَ ثانٍ أَخَذَ مِنْهُ النِّصْفَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ فَإِنْ حضر ثالثٌ أخذ منها الثُّلُثَ بِثُلُثِ الثَّمَنِ حَتَّى يَكُونُوا سَوَاءً ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي دَارٍ بَيْنَ أَرْبَعَةِ شُرَكَاءَ بَاعَ أَحَدُهُمْ حَقَّهُ عَلَى غَيْرِ شُرَكَائِهِ فَالشُّفْعَةُ فيها واجبة لشركائه الثلاثة فلهم ثلاثة أحوال:
حال يكونوا حاضرين، وحال يكونوا غائبين، وحال يحضر بعضهم ويغيب بعضهم فأما الْحَالُ الْأُولَى: وَهُوَ أَنْ يَكُونُوا جَمِيعًا حَاضِرِينَ فَلَا يَخْلُو حَالُهُمْ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يُطَالِبُوا جَمِيعًا بِالشُّفْعَةِ فَيَكُونُ الشِّقْصُ الْمَبِيعَ بينهم أثلاثاً بالسوية.
والقسم الثاني: أن يعفو جَمِيعًا عَنِ الشُّفْعَةِ فَتَبْطُلَ شُفْعَتُهُمْ وَيَبْقَى الشِّقْصُ على المشتري. والقسم الثالث: أن يعفوا بَعْضُهُمْ وَيُطَالِبَ بَعْضُهُمْ فَيَسْقُطُ حَقُّ الْعَافِي، وَلِلْمُطَالِبِ أن يأخذ جميع القص بِشُفْعَتِهِ فَلَوْ عَفَا اثْنَانِ مِنَ الثَّلَاثَةِ كَانَ لِلثَّالِثِ أَنْ يَأْخُذَ جَمِيعَ الشِّقْصِ بِشُفْعَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَهَا فَيَأْخُذَ مِنْهُ قَدْرَ حِصَّتِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي.
فَلَوْ قَالَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ قَدْ عَفَوْتُ عَنْ جَمِيعِ حَقِّي، وَقَالَ آخَرُ قَدْ عَفَوْتُ عَنْ نِصْفِ حَقِّي كَانَ عَفْوًا عَنْ جَمِيعِهِ وَلَمْ يَتَبَعَّضِ الْعَفْوُ وَكَانَ لِلثَّالِثِ أَنْ يَأْخُذَ الشِّقْصَ كُلَّهُ لِعَفْوِ شَرِيكَيْهِ. وَلَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute