للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَرْتَدَّا عَنِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ سُؤَالِهِمَا فِي الْحَالِ، وَقَبْلَ الطَّلَاقِ فَيُطَلِّقَهُمَا الزَّوْجُ فِي الْحَالِ بَعْدَ الرِّدَّةِ مِنْ غَيْرِ تَرَاخٍ لِسُؤَالِهِمَا فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَتَانِ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهِمَا، فَقَدْ بَانَتَا بِالرِّدَّةِ وَالطَّلَاقُ بَعْدَهَا غَيْرُ وَاقِعٍ عَلَيْهِمَا، فَلَا يَلْزَمُهُمَا شَيْءٌ أَقَامَتَا عَلَى الرِّدَّةِ أَوْ عَادَتَا إِلَى الْإِسْلَامِ، لِأَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا تَبِينُ بِالرِّدَّةِ فِي الْحَالِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَا مَدْخُولًا بِهِمَا بوُقُوع الطَّلَاقِ عَلَيْهِمَا مَوْقُوفٌ عَلَى مَا يَكُونُ مِنْ إِسْلَامِهِمَا فِي الْعِدَّةِ، وَلِأَنَّ نِكَاحَ الْمُرْتَدَّةِ مَوْقُوفٌ عَلَى إِسْلَامِهَا فِي الْعِدَّةِ، وَإِذَا كان كذلك فهما ثلاثة أحوال:

أحدها: أَنْ يُسْلِمَا مَعًا قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهِمَا فَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ عَلَيْهِمَا، لِأَنَّ الْإِسْلَامَ فِي الْعِدَّةِ قَدْ رَفَعَ سَابِقَ الرِّدَّةِ، وَصَادَفَ الطَّلَاقُ نِكَاحًا ثَابِتًا فَوَقَعَ بَائِنًا، وَكَانَ لَهُ عَلَيْهِمَا الْأَلْفُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَتَأَخَّرَ إِسْلَامُهُمَا مِنَ الرِّدَّةِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ، فَالطَّلَاقُ غَيْرُ وَاقِعٍ لِارْتِفَاعِ النِّكَاحِ بِالرِّدَّةِ، فَصَادَفَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ غَيْرَ زَوْجَةٍ، فَلَمْ يَقَعْ، وَإِذَا لَمْ يَقَعْ فَالْأَلْفُ مَرْدُودَةٌ عَلَيْهِمَا.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ تُسْلِمَ إِحْدَاهُمَا قَبْلَ الْعِدَّةِ، وَتُقِيمَ الْأُخْرَى عَلَى رِدَّتِهَا إِلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَالَّتِي أَسْلَمَتْ قَبْلَ الْعِدَّةِ يَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا عَلَيْهَا وَيَلْزَمُهَا مِنَ الْأَلْفِ مَا بَيَّنَّاهُ إِنْ سَمَّتْ مِنْهَا قَدْرًا لَزِمَهَا الْمُسَمَّى، وَإِنْ لَمْ تُسَمِّ مِنْهَا شَيْئًا فَعَلَى مَا مَضَى مِنَ الْقَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: قِسْطُ مَهْرِ مِثْلِهَا مِنَ الْأَلْفِ.

وَالثَّانِي: مَهْرُ مِثْلِهَا، وَتَكُونُ عِدَّتُهَا مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ.

فَأَمَّا الْمُقِيمَةُ عَلَى الرِّدَّةِ إِلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلَا طَلَاقَ عَلَيْهَا، وَلَا شَيْءَ لَهُ، وَعِدَّتُهَا مِنْ وَقْتِ الردة، فلو اختلفا مَعَ الزَّوْجِ فِي إِسْلَامِهِمَا مِنَ الرِّدَّةِ هَلْ كَانَ قَبْلَ الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا؟ فَادَّعَاهُ الزَّوْجُ قَبْلَ الْعِدَّةِ لِيَقَعَ طَلَاقُهُ، وَيَسْتَحِقَّ الْأَلْفَ، وَادَّعَتَاهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ إِنْكَارًا لِطَلَاقِهِ وَاسْتِحْقَاقِ الْأَلْفِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمَا مَعَ أَيْمَانِهِمَا، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا، لِأَنَّ الْإِسْلَامَ وَالْعِدَّةَ مِنْهُمَا، فَكَانَ الْمَرْجُوعُ فِيهِمَا إِلَى قولهما والله أعلم.

[(مسألة:)]

قال الشافعي: (وَلَوْ قَالَ لَهُمَا أَنْتُمَا طَالِقَتَانِ إِنْ شِئْتُمَا بِأَلْفٍ لَمْ يُطَلَّقَا وَلَا وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا حَتَّى يَشَاءَا مَعًا فِي وَقْتِ الْخِيَارِ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ، إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِزَوْجَتَيْهِ: أَنْتُمَا طَالِقَتَانِ عَلَى إِنْ شِئْتُمَا، كَانَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَيْهِمَا مُعَلَّقًا بِوُجُودِ الْمَشِيئَةِ مِنْهُمَا، وَمَشِيئَتُهُمَا مُعْتَبَرَةٌ عَلَى الْفَوْرِ فِي وَقْتِ الْخِيَارِ عَلَى مَا مَضَى مِنَ الْوَجْهَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>