بَنَاتُهَا الْمَرَاضِعُ عَلَى التَّأْبِيدِ، لِأَنَّهُنَّ أُمَّهَاتُ نِسَائِهِ وَحَلَّ لَهُ الصَّغَائِرُ أَنْ يَتَزَوَّجَهُنَّ، لِأَنَّهُنَّ رَبَائِبُ مِنْ غَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا، وَجَازَ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُنَّ، لِأَنَّهُنَّ بَنَاتُ خَالَاتٍ، وَلَسْنَ بِأَخَوَاتٍ.
وَقَالَ الْمُزَنِيُّ: يُنْكَحْنَ عَلَى الِانْفِرَادِ.
وَهَذَا وَهْمٌ مِنَ الْمُزَنِيِّ سَهَا فِيهِ.
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَيْسَ ذَلِكَ بِوَهْمٍ مِنْهُ، وَلَا سَهْوٍ، وَإِنَّمَا صور الْمَسْأَلَةِ فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ بَنَاتِ الْكُبْرَى أَرْضَعَتِ الثَّلَاثَ كُلَّهُنَّ فَصِرْنَ أَخَوَاتٍ وَبَنَاتِ خَالَاتٍ فَحَرُمَ الْجَمْعُ بَيْنَهُنَّ، لِأَنَّهُنَّ أَخَوَاتٌ وَإِنْ لَمْ يَحْرُمْ بِأَنَّهُنَّ بَنَاتُ خَالَاتٍ.
فَأَمَّا الْمَهْرُ فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الصَّغَائِرِ نِصْفُ مَهْرِهَا، وَتَرْجِعُ بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلِهَا عَلَى الَّتِي حَرَّمَهَا وَيَكُونُ لِلْكُبْرَى نِصْفُ مَهْرِهَا، وَتَرْجِعُ بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلِهَا عَلَى بَنَاتِهَا لِاشْتِرَاكِهِنَّ فِي تَحْرِيمِهَا.
(فَصْلٌ)
وَإِنِ افْتَرَقْنَ فِي الرَّضَاعِ فَأَرْضَعَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ بَنَاتِ الْكُبْرَى لِوَاحِدَةٍ مِنَ الزَّوْجَاتِ ثُمَّ أَرْضَعَتْ ثَانِيَةٌ لِثَانِيَةٍ ثُمَّ أَرْضَعَتْ ثَالِثَةٌ لِثَالِثَةٍ بَطَلَ نِكَاحُ الْكُبْرَى وَالصَّغِيرَةِ الْأُولَى، وَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفُ مَهْرِهَا، وَيُرْجَعُ بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلِهَا عَلَى الْمُرْضِعَةِ الْأُولَى، لِأَنَّهَا الْمُخْتَصَّةُ بِتَحْرِيمِهَا، وَأَمَّا نِكَاحُ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ فَبِحَالِهِ، وَعَلَى صِحَّتِهِ لِأَنَّهَا بَنَاتُ خَالَاتٍ، وَيَجُوزُ أَنْ تَتَزَوَّجَ الْأُولَى فَيَصِيرُ جَامِعًا بَيْنَهُنَّ كُلِّهِنَّ لِهَذَا الْمَعْنَى.
وَإِنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ زَوْجَاتٍ كِبَارٍ وَرَابِعَةٌ صَغِيرَةٌ، فَاجْتَمَعَ الْكِبَارُ عَلَى رَضَاعِ الصَّغِيرَةِ فَأَرْضَعْنَهَا خَمْسَ رَضَعَاتٍ بَيْنَهُنَّ لَمْ تَصِرْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ، إِمَّا لِلصَّغِيرَةِ، لِأَنَّهَا لَمْ تَسْتَكْمِلْ رَضَاعَهَا خَمْسًا، وَفِي تَحْرِيمِ الصَّغِيرَةِ عَلَى الزَّوْجِ إِذَا كَانَ اللَّبَنُ لَهُ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْقَاسِمِ الْأَنْمَاطِيِّ وَأَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ لَا تَحْرُمُ عَلَى الزَّوْجِ وَلَا تَصِيرُ لَهُ وَلَدًا، لِأَنَّ تَحْرِيمَ الرَّضَاعِ يَنْتَشِرُ عَنِ الْمُرْضِعَةِ إِلَى غَيْرِهَا فَلَمَّا لَمْ يَثْبُتْ تَحْرِيمُ الرَّضَاعِ فِي الْمُرْضِعَةِ فَأَوْلَى أَنْ لَا يَنْتَشِرَ إِلَى غَيْرِ الْمُرْضِعَةِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ نِكَاحُ الصَّغِيرَةِ وَالْكِبَارِ بِحَالِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ إِنَّ الصَّغِيرَةَ قَدْ صَارَتْ بِنْتًا لِلزَّوْجِ، وَإِنْ لَمْ تَصِرْ بِنْتًا لِوَاحِدَةٍ مِنَ الْمُرْضِعَاتِ، لِأَنَّ الْمُرْضِعَةَ تَصِيرُ أُمًّا إِذَا أَرْضَعَتْ خَمْسًا، وَهَذِهِ قَدِ اسْتَكْمَلَتْ خَمْسَ رَضَعَاتٍ مِنْ لَبَنِهِ فَاسْتَوَى حُكْمُ الْخَمْسِ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْ مِنْ خَمْسٍ. فَعَلَى هَذَا يَبْطُلُ نِكَاحُ الصَّغِيرَةِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ بِنْتَهُ، وَلَا يَبْطُلُ نِكَاحُ وَاحِدَةٍ مِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute