للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(كِتَابُ الدِّيَاتِ)

(بَابُ أَسْنَانِ الْإِبِلِ الْمُغَلَّظَةِ)

(وَالَعَمْدِ وكيف يشبه العمد الخطأ)

(مَسْأَلَةٌ)

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَلَا إِنَّ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ الْخَطَأِ بالسوط والعصا مائة من الإبل مغلظة منها أربعون خلقة فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا " (قَالَ الشَّافِعِيُّ) رَحِمَهُ اللَّهُ: فَهَذَا خَطَأٌ فِي الْقَتْلِ وَإِنْ كَانَ عَمْدًا فِي الضَّرْبِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ.

فَأَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: ٩٢] فَنَصَّ عَلَى دِيَةٍ أَجْمَلَ بَيَانَهَا حَتَّى أَخَذَ مِنَ السُّنَّةِ الَّذِي قَدَّمَهُ الشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَلَا إِنَّ فِي قَتِيلِ الْعَمْدِ الْخَطَأِ بالسوط والعصا مائة من الإبل مغلظة منها أَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا ".

فَإِذَا ثَبَتَ وُجُوبُ الدِّيَةِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَالْقَتْلُ يَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ:

قِسْمٌ يَكُونُ عَمْدًا مَحْضًا.

وَقِسْمٌ يَكُونُ خَطَأً مَحْضًا.

وَقِسْمٌ يَكُونُ عَمْدَ الْخَطَأِ يَأْخُذُ مِنَ الْعَمْدِ شَبَهًا وَمِنِ الْخَطَأِ شَبَهًا.

فَأَمَّا الْعَمْدُ الْمَحْضُ: فَهُوَ أَنْ يَكُونَ عَامِدًا فِي فِعْلِهِ بِمَا يَقْتُلُ مِثْلُهُ قَاصِدًا لِقَتْلِهِ، وَذَلِكَ أَنْ يَضْرِبَهُ بِسَيْفٍ أَوْ مَا يَقْتُلُ مِثْلُهُ مِنَ الْمُثْقَلِ عَامِدًا فِي الْفِعْلِ قَاصِدًا لِلنَّفْسِ.

وَأَمَّا الْخَطَأُ الْمَحْضُ: فَهُوَ أَنْ لَا يَعْمِدَ الْفِعْلَ وَلَا يَقْصِدَ النَّفْسَ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَرْمِيَ هَدَفًا أَوْ صَيْدًا أَوْ يُلْقِيَ حَجَرًا فَيَعْتَرِضُهُ إِنْسَانٌ فَتُصِيبُهُ الرَّمْيَةُ فَيَمُوتُ مِنْهَا فَيَكُونُ مُخْطِئًا فِي الْفِعْلِ وَالْقَصْدِ.

وَأَمَّا عَمْدُ الْخَطَأِ: فَهُوَ أن يكون عامداً في الفعل غير قاصداً لِلْقَتْلِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَعْمِدَ ضَرْبَهُ بِمَا لَا يقتل في الأغلب وإن جاز أن يقتل كَالسَّوْطِ وَالْعَصَا وَمَا تَوَسَّطَ مِنَ الْمُثْقَلِ الَّذِي يجوز أن يقتل ويجوز أن لا يقتل، فَيَأْخُذُ شَبَهًا مِنَ الْعَمْدِ لِعَمْدِهِ لِلْفِعْلِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>