للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَوَى عَمَّارٌ مَوْلَى الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ أَنَّهُ شَهِدَ جِنَازَةَ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا امْرَأَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَابْنِهَا زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَانَا مَاتَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَوُضِعَا جَمِيعًا فِي الْمُصَلَّى، وَالْإِمَامُ يَوْمَئِذٍ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ وَهُوَ الْأَمِيرُ، وَفِي النَّاسِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَأَبُو قَتَادَةَ، فَوَضَعَ الْغُلَامَ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ، قَالَ: فَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ، فَنَظَرْتُ إِلَى هَؤُلَاءِ فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: هَذِهِ السُّنَّةُ، وَلِأَنَّهُمْ إِذَا صَلَّوْا خَلْفَ الْإِمَامِ، كَانَ الرِّجَالُ أَقْرَبَهُمْ إِلَى الْإِمَامِ، كَذَلِكَ إِذَا صَلَّى عَلَيْهِ الْإِمَامُ، فَأَمَّا الدَّفْنُ، فَيُخْتَارُ أَنْ يَكُونَ الرِّجَالُ أَقْرَبَ إِلَى الْقِبْلَةِ، ثُمَّ الصِّبْيَانُ، ثُمَّ الْخَنَاثَى، ثُمَّ النِّسَاءُ، أَبْعَدَ الْجَمَاعَةِ مِنْهَا، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَخِّرُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَخَّرَهُنَّ اللَّهُ " وَكَانَ هَذَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ، لِأَنَّ الْفَضْلَ فِي الْقُرْبِ مِنَ الْإِمَامِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ إِمَامٌ؛ كَانَ الْفَضْلُ فِي الْقُرْبِ مِنَ الْقِبْلَةِ، فَإِنْ خُولِفَ مَا اخْتَرْنَاهُ أَجْزَأَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا مَوْقِفُ الْإِمَامِ مِنَ الْمَيِّتِ؛ فَلَيْسَ لِلشَّافِعِيِّ فِيهِ نص، لكن قال أصحابنا البصريين: يَقِفُ عِنْدَ صَدْرِ الرَّجُلِ، وَعِنْدَ عَجُزِ الْمَرْأَةِ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ.

وَقَالَ الْبَغْدَادِيُّونَ: يَقِفُ عِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ وَعَجُزِ الْمَرْأَةِ.

وَقَالَ أبو حنيفة: يَقِفُ عِنْدَ صَدْرِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ جَمِيعًا، وَمَا ذَكَرْنَاهُ أَوْلَى، لِرِوَايَةِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ: صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ بِالنِّفَاسِ، يُقَالُ لَهَا أُمُّ كَعْبٍ، فَوَقَفَ عِنْدَ وَسَطِهَا، وَكَبَّرَ أَرْبَعًا، وَلِأَنَّ عَجُزَهَا أَعْظَمُ عَوْرَتِهَا فَاخْتَرْنَا أَنْ يَقِفَ عِنْدَهُ لِيَسْتُرَهُ.

فَصْلٌ: الْقَوْلُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ في المسجد

كَرِهَ مَالِكٌ وأبو حنيفة أَنْ يُدْخَلَ الْمَيِّتُ الْمَسْجِدَ، وَأَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ فِيهِ، وَذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ غَيْرُ مَكْرُوهٍ، بَلْ مُسْتَحَبٌّ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ حِينَ مَاتَ، أُدْخِلَ الْمَسْجِدَ لِيُصَلَّى عَلَيْهِ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ بَعْضُ الناس، فقال عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهِ مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على أبي سهيلٍ واجباً إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ ".

وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَلَّى عَلَى صُهَيْبٍ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>