للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُؤْخَذُونَ بِهَا دُونَ عَوَاقِلِهِمْ، لِوُجُوبِهَا بِاعْتِرَافِهِمْ، وَالْعَاقِلَةُ لَا تَتَحَمَّلُ عَنْهُمْ مَا وَجَبَ بِاعْتِرَافِهِمْ إِنْ لَمْ يُصَدِّقُوهُمْ، فَإِنْ صَدَّقُوهُمْ تَحْمَّلُوهَا عَنْهُمْ.

وَالْحَالُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَتَّفِقُوا عَلَى أَنَّهُ عَمَدَ بَعْضُهُمْ وَأَخْطَأَ بَعْضُهُمْ، فَلَا قَوَدَ عَلَى الْعَامِدِ لِمُشَارَكَتِهِ الخاطىء، وَعَلَى الْعَامِدِ قِسْطُهُ مِنَ الدِّيَةِ مُغْلِظَةً حَالَّةً، وعلى الخاطىء قِسْطُهُ مِنَ الدِّيَةِ مُخَفَّفَةً مُؤَجَّلَةً.

وَالْحَالُ الْخَامِسَةُ، أَنْ يَخْتَلِفُوا فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ عَمَدْنَا كُلُّنَا، وَيَقُولُ بَعْضُهُمْ: أَخْطَأْنَا كُلُّنَا، فَعَلَى مَنْ أَقَرَّ بِعَمْدٍ جَمِيعِهِمُ الْقَوَدُ، وَعَلَى مَنْ أَقَرَّ بِخَطَأٍ جَمِيعِهِمْ قِسْطُهُ مِنْهُ الدِّيَةُ مُخَفَّفَةٌ وَمُؤَجَّلَةٌ.

وَالْحَالُ السَّادِسَةُ: أَنْ يَخْتَلِفُوا. فَيَقُولُ اثْنَانِ مِنْهُمْ: عَمَدْنَا وَأَخْطَأَ هَذَانِ الْآخَرَانِ، وَيَقُولُ الْآخَرَانِ: بَلْ عَمَدْنَا وَأَخَطَّأَ هَذَانِ الْأَوَّلَانِ، فَفِي وُجُوبِ الْقَوَدِ عَلَيْهِمْ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: عَلَيْهِمُ الْقَوَدُ جَمِيعًا، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَدِ اعْتَرَفَ بِالْقَتْلِ بِالْعَمْدِ فِي حَقِّهِ، وَأَضَافَ الْخَطَأَ إِلَى مَنْ قَدِ اعْتَرَفَ بِعَمْدِهِ، فَصَارُوا كَالْمُعْتَرِفِينَ جَمِيعًا بِالْعَمْدِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّ، لَا قَوَدَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ، لِأَنَّ كل واحد منهم مقر بمشاركة للخاطىء، فلم يلزمه إقرار الخاطىء بِعَمْدِهِ، وَلِأَنَّ أَحَدًا لَا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِ غَيْرِهِ، وَيَكُونُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قِسْطُهُ مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ مُغَلَّظَةً حَالَّةً.

وَالْحَالُ السَّابِعَةُ: أَنْ يَقُولَ اثْنَانِ مِنْهُمْ: عَمَدْنَا كُلُّنَا، وَيَقُولُ الْآخَرَانِ: عَمَدْنَا وَأَخْطَأَ الْأَوَّلَانِ، فَعَلَى الْمُقِرِّ بِعَمْدِ جَمِيعِهِمُ الْقَوَدِ، وَفِيمَا عَلَى الْمُقِرِّ بِعَمْدِهِ وَخَطَأِ غَيْرِهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: الْقَوَدُ.

وَالثَّانِي: قِسْطُهُ مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ مُغْلِظَةً حَالَّةً.

وَالْحَالُ الثَّامِنَةُ: أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمْ: عَمَدْتُ وَمَا أَدْرِي مَا فَعَلَ أَصْحَابِي سَأَلْنَا أَصْحَابَهُ، فَإِنْ قَالُوا: عَمَدْنَا. وَجَبَ الْقَوَدُ عَلَى الْكُلِّ، وَإِنْ قَالُوا: أَخْطَأْنَا، سَقَطَ الْقَوَدُ عَنِ الْكُلِّ.

فَهَذَا حُكْمُهُمْ إِذَا رَجَعُوا جَمِيعًا.

(فَصْلٌ)

: وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يُقِيمَ بَعْضُهُمْ عَلَى شَهَادَتِهِ، وَيَرْجِعَ بَعْضُهُمْ عَنْ شَهَادَتِهِ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَزِيدَ الشُّهُودُ عَلَى عَدَدِ الْبَيِّنَةِ. كَاثْنَيْنِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ بِالْقَتْلِ فقتل، ثم رجع أَحَدُهُمَا، أَوْ أَرْبَعَةٍ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعَ أَحَدُهُمَا، فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>