فِي سَبِيلِهِ حَتَّى بَلَغَتِ الْجَوْفَ لَمْ تَكُنْ جَائِفَةً وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ مَا خُرِقَ بِهَا حَاجِزٌ، فَإِنْ خَدَشَ بِهَا مَا حِيَالَهَا مِنْ دَاخِلِ الْجَوْفِ لَزِمَتْهُ حُكُومَتُهُ، وَعُزِّرَ فِي الْحَالَيْنِ أَدَبًا وَإِنْ لَمْ يُعَزَّرِ الْجَانِي إِذَا أُغْرِمَ الدِّيَةَ، لِأَنَّهُ قَدِ انْتَهَكَ مِنْهُ بِإِيلَاجِهَا مَا لَمْ يُقَابِلْهُ غُرْمٌ، فَإِنْ خَرَقَ بِوُصُولِ الْخَشَبَةِ إِلَى الْجَوْفِ حَاجِزٌ مِنْ غِشَاوَةِ الْمَعِدَةِ أَوِ الْحَشْوَةِ فَفِي إِجْرَاءِ حُكْمِ الْجَائِفَةِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْجَائِفَةِ وَيَلْزَمُهُ ثُلُثُ دِيَةٍ، لِأَنَّهُ قَدْ خَرَقَ حَاجِزًا فِي الْجَوْفِ فَأَشْبَهَ حَاجِزَ الْبَطْنِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْجَائِفَةِ وَيَلْزَمُهُ حُكُومَةٌ لِبَقَاءِ الْبَطْنِ الَّذِي هُوَ حَاجِزٌ عَلَى جَمِيعِ الْجَوْفِ، وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِ الْوَجْهَيْنِ فِي الْحَاجِزِ بَيْنَ الْمُوضِحَتَيْنِ إِذَا انْخَرَقَ بَاطِنُهُ مِنَ اللَّحْمِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ مِنَ الْجِلْدِ هَلْ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْمُوضِحَةِ فِي الْجَمِيعِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
(فَصْلٌ)
وَلَوْ أَوْلَجَ خَشَبَةً فِي فَرْجِ عذراء خرق بها حاجز بكارتها عذر وَلَمْ يُحَدَّ، إِلَّا أَنْ يَطَأَ فَيُحَدَّ، وَيَلْزَمُهُ مَهْرُ الْمِثْلِ إِنْ أَكْرَهَهَا، وَلَا تَلْزَمُهُ دِيَةُ الْجَائِفَةِ بِخَرْقِ حَاجِزِ الْبَكَارَةِ، لِأَنَّهَا فِي مَسْلَكِ الْخَرْقِ، وَأَمَّا الْحُكُومَةُ فَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ وَطْءٍ لَزِمَهُ حُكُومَةُ بَكَارَتِهَا، لِأَنَّهَا بِجِنَايَةٍ مِنْهُ وَإِنْ كَانَتْ بِوَطْءٍ لَمْ يَلْزَمْهُ، لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو فِي وَطْئِهِ مِنْ إِكْرَاهٍ أَوْ مُطَاوَعَةٍ، فَإِنْ أُكْرِهَ دَخَلَ أَرْشُ الْحُكُومَةِ فِي الْمَهْرِ، لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَهْرُ مِثْلِهَا مِنَ الْأَبْكَارِ، وَإِنْ طَاوَعَتْهُ كَانَتْ بِالْمُطَاوَعَةِ كَالْمُبَرَّئَةِ مِنَ الْأَرْشِ، لِأَنَّ الْمُطَاوَعَةَ إِذْنٌ، وَإِذَا عَصَرَ بَطْنَهُ وَدَاسَهُ حَتَّى خَرَجَ الطَّعَامُ مِنْ فَمِهِ أَوِ النَّجْوِ مِنْ دُبُرِهِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ، وَيُعَزَّرُ أَدَبًا، فَإِنْ زَالَ بِالدَّوْسِ أَحَدُ أَعْضَاءِ الْجَوْفِ عَنْ مَحَلِّهِ حَتَّى تَيَاسَرَ الْكَبِدُ أَوْ تَيَامَنَ الطِّحَالُ، لِأَنَّ الْكَبِدَ مُتَيَامِنٌ وَالطِّحَالَ مُتَيَاسِرٌ، فَعَلَيْهِ الْحُكُومَةُ إِنْ بَقِيَ عَلَى حَالِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِنْ عَادَ إِلَى مَحَلِّهِ.
فَإِذَا جَرَحَهُ جَائِفَةً ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَأَوْلَجَ فِي الْجَائِفَةِ سِكِّينًا، فَلَا يَخْلُو حَالُ الثَّانِي بَعْدَ الْأَوَّلِ مِنْ أَحَدِ أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ لَا يُؤَثِّرَ فِي سِعَتِهَا وَلَا فِي عُمْقِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ مَا جَرَحَ، وَيُعَزَّرُ أَدَبًا لِلْأَذَى.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يُؤَثِّرَ فِي سِعَتِهَا وَلَا يُؤَثِّرَ فِي عُمْقِهَا، فَعَلَيْهِ فِي زِيَادَةِ سِعَتِهَا إِذَا كَانَ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا دِيَةُ جَائِفَةٍ، لِأَنَّهُ قَدْ أَجَافَهُ، وَإِنِ اتَّصَلَتْ بِجَائِفَةٍ غَيْرِهِ، فَإِنِ اتَّسَعَتْ فِي الظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ أَوْ فِي الْبَاطِنِ دُونَ الظَّاهِرِ فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ، لِأَنَّهُ جُرْحٌ لَمْ يَسْتَكْمِلْ جَائِفَةً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute