للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَسُفْلُهَا لِغَيْرِ الشُّرَكَاءِ فِي عُلُوِّهَا فَبَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِي الْعُلُوِّ حَقَّهُ نُظِرَ فِي السَّقْفِ فَإِنْ كَانَ لِأَرْبَابِ السُّفْلِ فَلَا شُفْعَةَ فِي الْحِصَّةِ الْمَبِيعَةِ مِنَ الْعُلُوِّ لِأَنَّهَا بِنَاءٌ مُنْفَرِدٌ وَإِنْ كَانَ السَّقْفُ لِأَرْبَابِ الْعُلُوِّ فَفِي وُجُوبِ الشُّفْعَةِ فِي الْحِصَّةِ الْمَبِيعَةِ مِنْهُ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: لَا شُفْعَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يَتْبَعُ أَرْضًا، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: فِيهِ الشُّفْعَةُ لِأَنَّ السَّقْفَ كَالْعَرْصَةِ.

وَلِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ: " إِنَّ السَّقْفَ أَرْضٌ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ وَلِأَنَّهُ إِذَا حَازَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنَ الْبِنَاءِ وَالسَّقْفِ أَمْكَنَ سُكْنَاهُ كَالْأَرْضِ ".

الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا لَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَةُ لَا مَقْصُودًا وَلَا تَبَعًا وَهُوَ سَائِرُ الْأَشْيَاءِ سِوَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: الشُّفْعَةُ وَاجِبَةٌ فِي كُلِّ مُشْتَرَكٍ فِي مَتَاعٍ وَحَيَوَانٍ وَغَيْرِهِ مِنْ صُنُوفِ الْأَمْوَالِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ مَعَهُ.

فَصْلٌ

: وَأَمَّا الْفَصْلُ الثَّالِثُ وَهُوَ مَنْ تَجِبُ لَهُ الشُّفْعَةُ فَهُوَ الْخَلِيطُ فِي الْمِلْكِ الْمَبِيعِ دُونَ الْجَارِ وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي شُفْعَةِ الْجِوَارِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْخَلِيطُ وَافِرَ السَّهْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَلِيلَ السَّهْمِ حَتَّى لَوْ خَالَطَ بِسَهْمٍ مِنْ أَلْفِ سَهْمٍ اسْتَحَقَّ بِهِ الشُّفْعَةَ، وَإِنْ كَانَ الْخُلَطَاءُ عَدَدًا، كَانَتْ بَيْنَهُمْ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ وَلَا فَرْقَ فِي خَلِيطِ الْمَالِكِ إِذَا اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ بَيْنَ أَنْ يَمْلِكَ حِصَّتَهُ بِابْتِيَاعٍ أَوْ مِيرَاثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ هِبَةٍ مِنْ بَائِعِ الشِّقْصِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ مالك قد يستضر بسوء المشاركة ويتأذى بمؤونة الْمُقَاسَمَةِ. وَأَمَّا إِنْ كَانَتْ حِصَّةُ الْخَلِيطِ وَقْفًا نُظِرَ فِي الْوَقْفِ.

فَإِنْ كَانَ عَامًّا كَالْوَقْفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، أَوْ عَلَى خَاصٍّ لَا يُمَلَّكُ كَالْوَقْفِ عَلَى جَامِعٍ أَوْ مَسْجِدٍ فَلَا يَسْتَحِقُّ بِهِ شُفْعَةً فِي الْمَبِيعِ.

وَإِنْ كَانَ خَاصًّا عَلَى مَالِكٍ كَالْوَقْفِ عَلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ أَوْ عَلَى جَمَاعَةٍ بِأَعْيَانِهِمْ فَلَا يَمْلِكُ بِهِ الْوَاقِفُ شُفْعَةً لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنِ الْمَوْقِفِ فَأَمَّا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ فَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هَلْ يَكُونُ مَالِكًا لِرَقَبَةِ الْوَقْفِ أَمْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَكُونُ مَالِكًا لِرَقَبَتِهِ وَإِنَّمَا يَكُونُ مَالِكًا لِغَلَّتِهِ فَعَلَى هَذَا لَا شُفْعَةَ لَهُ لِعَدَمِ مِلْكِهِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَكُونُ مَالِكًا لِرَقَبَةِ الْوَقْفِ فَعَلَى هَذَا فِي اسْتِحْقَاقِهِ لِلشُّفْعَةِ بِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَسْتَحِقُّ بِهِ الشُّفْعَةَ لِثُبُوتِ مِلْكِهِ، وَاسْتِضْرَارِهِ بِسُوءِ الْمُشَارَكَةِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا شُفْعَةَ لَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَامِّ الْمِلْكِ وَلَا مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ. ثُمَّ الشُّفْعَةُ تَجِبُ لِلْأَبِ عَلَى ابْنِهِ وَلِلِابْنِ عَلَى أَبِيهِ وَلِلرَّجُلِ عَلَى زَوْجَتِهِ وَلِلْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا وَلِلسَّيِّدِ على مكاتبه

<<  <  ج: ص:  >  >>