أَصْلُهُ: صَوْمُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَقْتُهُ قَبْلَ الْمَسِيسِ؟ فَإِنْ أَتَى بِهِ بَعْدَ الْمَسِيسِ، أَجْزَأَهُ وَلِأَنَّ الصَّوْمَ فِي الْأُصُولِ يَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ:
فَقِسْمٌ يَخْتَصُّ بِزَمَانٍ مُعَيَّنٍ كَصَوْمِ رَمَضَانَ.
وَقِسْمٌ يُؤْتَى بِهِ قَبْلَ وُجُودِ شَرْطٍ كَصَوْمِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ يُفْعَلُ قَبْلَ الْمَسِيسِ.
وَقِسْمٌ مُطْلَقٌ كَصَوْمِ الْكَفَّارَاتِ وَكُلُّ ذَلِكَ يُؤْتَى بِهِ فِي وَقْتِهِ وَغَيْرِ وَقْتِهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ صَوْمُ التَّمَتُّعِ لَاحِقًا بِأَحَدِهَا فِي جَوَازِ الْإِتْيَانِ بِهِ فِي وَقْتِهِ وَغَيْرِ وَقْتِهِ، فَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِنَّ إِثْبَاتَ الْقَضَاءِ يَفْتَقِرُ إِلَى دَلِيلٍ فَفِيهِ خِلَافٌ بَيْنِ أَصْحَابِنَا، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَجِبُ بِالْأَمْرِ الْمُتَقَدِّمِ فَعَلَى هَذَا سَقَطَ السُّؤَالُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَفْتَقِرُ إِلَى دَلَالَةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ، وَقَدْ دَلَّتْ عَلَيْهِ، وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الْجُمُعَةِ فَيَبْطُلُ بِالصَّلَوَاتِ، وَقَضَاءِ رَمَضَانَ، فَإِذَا قِيلَ: إِذَا جَوَّزْتُمْ لَهُ قَضَاءَ الصَّوْمِ هَلْ تُوجِبُونَ عَلَيْهِ كَفَّارَةً بِتَأْخِيرِهِ، كَمَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ فِي تَأْخِيرِ قَضَاءِ رَمَضَانَ، قُلْنَا: لَا تجب عليه الكفارة، وَإِنْ أَخَّرَهُ لِأَنَّهُ جُبْرَانٌ فِي نَفْسِهِ فَلَمْ يَفْتَقِرْ إِلَى جُبْرَانٍ، وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ خَالَفَ قضاء رمضان.
[فصل]
: فإذا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مُعْسِرًا ثُمَّ أَيْسَرَ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الصَّوْمِ، فَفِيهِ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ، فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ هَلْ يُرَاعَى بِهَا حَالُ الْوُجُوبِ أَوْ حَالُ الْأَدَاءِ، فَإِنْ قِيلَ: الْمُرَاعَى بِهَا حَالَ الْوُجُوبِ أَجْزَأَهُ الصَّوْمُ، وَإِنْ قِيلَ: الْمُرَاعَى بِهَا حَالَ الْأَدَاءِ لَمْ يُجْزِهِ إِلَّا الدَّمُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مُوسِرًا، ثُمَّ أَعْسَرَ قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِالدَّمِ فَفِيهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَجْزِيهِ إِلَّا الدَّمُ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْوُجُوبِ.
وَالثَّانِي: يُجْزِيهِ الصَّوْمُ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْأَدَاءِ وَفِي الْكَفَّارَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: أَنَّهُ يَعْتَبِرُ بِهَا أَغْلَظَ الْأَحْوَالِ فَكَذَلِكَ فِي التَّمَتُّعِ، فَأَمَّا إِنْ شَرَعَ فِي الصَّوْمِ ثُمَّ أَيْسَرَ فَلَهُ إِتْمَامُ صومه، ويجزيه وَقَالَ أبو حنيفة: إِنْ أَيْسَرَ فِي صَوْمِ الثلاثة رجع إلىالهدي، وَإِنْ أَيْسَرَ فِي صَوْمِ السَّبْعَةِ مَضَى فِي صَوْمِهِ، وَأَجْزَأَهُ وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَيَمِّمُ إِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فِي صَلَاةٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهَا ثُمَّ نَدُلُّ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةٌ أَنَّهُ مُتَمَتِّعٌ تَلَبَّسَ بِالصَّوْمِ عِنْدَ عَدَمِ الْهَدْيِ، فَوَجَبَ إِذَا وَجَدَ الْهَدْيَ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ أَصْلُهُ إِذَا وَجَدَهُ فِي السَّبْعَةِ.
مَسْأَلَةٌ
: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَيَصُومُ السَّبْعَةَ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ إِذَا كَانَ مُعْسِرًا صِيَامُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَصِيَامُ ثَلاَثََةِ أيَّامٍ فِي الحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعْتُمْ) {البقرة: ١٩٦) وَذَكَرْنَا وَقْتَ صِيَامِ الثَّلَاثَةِ، فَأَمَّا وَقْتُ صِيَامِ السَّبْعَةِ فَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِيهِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ نَصُّهُ هَاهُنَا وَفِي " الْأُمِّ " أَنَّهُ يَصُومُهَا إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ وَاسْتَقَرَّ فِي بَلَدِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute