للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَأْكُولٍ وَغَيْرِ مَأْكُولٍ، وَكَالْوَلَدِ إِذَا كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ وَثَنِيًّا، وَالْآخَرُ كِتَابِيًّا فَاقْتَضَى شَاهِدُ هَذِهِ الْأُصُولِ فِي تَغْلِيبِ الْحَظْرِ أَنْ يَغْلِبَ حُكْمُ النَّجَاسَةِ عَلَى الطَّهَارَةِ.

(فَصْلٌ: دَفْعُ مَا اعْتَرَضَ به الخصم عن حديث " القلتان ")

وَالدَّلَالَةُ عَلَيْهِمَا رِوَايَةُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ الْمَخْزُومِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا " فَدَلَّ تَحْدِيدُ الْقُلَّتَيْنِ عَلَى أَنَّ الْقَدْرَ مُعْتَبَرٌ، وَأَنْ لَا اعْتِبَارَ بِالِاخْتِلَاطِ فِيمَا زَادَ، ولا اعتبار بعدم المعتبر فيما نقص، اعترضوا عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ بِسَبْعَةِ أَسْئِلَةٍ ثَلَاثَةٍ فِي إسناده وأربعة في متنه:

أحدهما: أَنْ قَالُوا إِنَّ الشَّافِعِيَّ رَوَاهُ عَنْ مَجْهُولٍ، لِأَنَّهُ قَالَ أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ، وَقَدْ يَكُونُ ثِقَةً عِنْدَهُ وَمَجْرُوحًا عِنْدَ غَيْرِهِ، وَجَهَالَةُ الرَّاوِي تَمْنَعُ مِنَ الْعَمَلِ بِرِوَايَتِهِ، وَعَنْ هَذَا جَوَابَانِ لِأَصْحَابِنَا:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَعْرُوفٌ وَإِنْ كُنِّيَ عَنِ اسْمِهِ فَقَالَ أَبُو يَعْقُوبَ الْبُوَيْطِيُّ هُوَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ الْكُوفِيُّ.

وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ الْمَخْزُومِيُّ، وَحُكِيَ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ عَنْ مَعْمَرٍ فَهُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ، وَإِذَا قَالَ أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ فَهُوَ ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ.

وَالْجَوَابُ الثَّانِي: أَنَّ الشَّافِعِيَّ وَضَعَ هَذَا التَّصْنِيفَ بِمِصْرَ، وَكَانَتْ كُتُبُهُ بِمَكَّةَ، فَكَانَ يُورِدُ الْحَدِيثَ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ حَدَّثَهُ بِهِ أَحَدُ الثِّقَاتِ عَنْ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ مِثْلَ أَنْ يُحَدِّثَهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ مَالِكٌ تَارَةً، وَسُفْيَانُ تَارَةً، فَإِذَا تَيَقَّنَ رِوَايَةَ الزُّهْرِيِّ، وَشَكَّ فِي الَّذِي حَدَّثَهُ عَنْهُ هَلْ هُوَ مَالِكٌ أَوْ سُفْيَانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَهَذَا جائز.

<<  <  ج: ص:  >  >>