مُنِعَ صَدَقَةَ الْفَرْضِ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ سَهْمَ ذِي الْقُرْبَى مُشْتَرِكٌ بَيْنَ جَمِيعِ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ وَكَذَا صَدَقَةُ الْفَرْضِ حَرَامٌ عَلَى جَمِيعِ بَنِي هَاشِمٍ.
وَأَمَّا مَنْ تَحِلُّ لَهُ صَدَقَةُ الْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ فَهُمْ سَائِرُ النَّاسِ تَحِلُّ لَهُمْ صَدَقَاتُ الْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ بِالْفَقْرِ وَصَدَقَاتُ التَّطَوُّعِ مَعَ الْغِنَى وَالْفَقْرِ، وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَيْهِ مِنْ قبل.
[مسألة:]
قال الشافعي: " وَإِذَا كَانَ فِيهِمْ غَارِمُونَ لَا أَمْوَالَ لَهُمْ فَقَالُوا أَعْطِنَا بِالْغُرْمِ وَالْفَقْرِ قِيلَ لَا إِنَّمَا نُعْطِيكُمْ بِأَيِّ الْمَعْنَيَيْنِ شِئْتُمْ فَإِذَا أَعْطَيْنَاهُ بِاسْمِ الْفَقْرِ فَلِغُرَمَائِهِ أَنْ يَأْخُذُوا مِمَّا فِي يَدَيْهِ حُقُوقَهُمْ وَإِذَا أَعْطَيْنَاهُ بِمَعْنَى الْغُرْمِ أَحْبَبْتُ أَنْ يتولى دفعه عنه وإلا فجائز كما يعطى المكاتب فإن قيل ولم لا يعطى بمعنيين؟ قيل الفقير مسكين والمسكين فقير يجمعهما اسم ويتفرق بهما اسم فلا يجوز أن يعطى إلا بأحد المعنيين ولو جاز ذلك جاز أن يعطى رجل بفقر وغرم وبأنه ابن سبيل وغاز ومؤلف فيعطى بهذه المعاني كلها فالفقير هو المسكين ومعناه أن لا يكون غنيا بحرفة ولا مال فإذا جمعا معا فقسم لصنفين بهما لم يجز إلا أن يفرق بين حاليهما بأن يكون الفقير الذي بدئ به أشدهما فقرا وكذلك هو في اللسان ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَاتِ جَمَعَ بَيْنَ سَبَبَيْنِ يَسْتَحِقُّ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَهْمًا فِيهِمَا كَغَارِمٍ فَقِيرٍ، وَعَامِلٍ مِسْكِينٍ طَلَبَ أَنْ يُعْطَى بِالْفَقْرِ أَوْ بِالْغُرْمِ أَوْ بِالْعِمَالَةِ وَالْمَسْكَنَةِ فَالَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَأَكْثَرِ كتبه أنه لا يجوز أَنْ يُجْمَعَ لَهُ بِهِمَا وَلَا يُعْطَى إِلَّا بِأَحَدِهِمَا وَقَالَ فِي كِتَابِ فَرْضِ الزَّكَاةِ مِنْ قِسْمِ الصَّدَقَاتِ: إِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى بِالسَّبَبَيْنِ، فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيِّ وَكَثِيرٍ مِنَ الْبَغْدَادِيِّينَ: إِنَّ ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ لِاخْتِلَافِ نَصِّهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ.
أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ: إِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى إِلَّا بِأَحَدِ السَّبَبَيْنِ، وَهَذَا هو الأشهر في قَوْلِهِ، وَالْأَصَحُّ مِنْ مَذْهَبِهِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ ذَلِكَ إِلَى الْأَخْذِ بِجَمِيعِ الْأَسْبَابِ كَمَا لَا يُورَثُ الْمَجُوسِيُّ إِذَا اجْتَمَعَتْ لَهُ قَرَابَتَانِ إِلَّا بِأَحَدِهِمَا.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى بِهِمَا مَعًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ أَنْ يَأْخُذَ بِالسَّبَبِ الْوَاحِدِ إِذَا انْفَرَدَ بِهِ جَازَ أَنْ يَأْخُذَ بِالسَّبَبَيْنِ إِذَا اجْتَمَعَا فِيهِ، وَكَمَا يَجُوزُ أَنْ يُورَثَ الزَّوْجُ إِذَا كَانَ ابْنَ عَمٍّ لَهَا بِالسَّبَبَيْنِ.
وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي: قَالَهُ أَبُو حَامِدٍ الْمَرْوَزِيُّ وَجُمْهُورُ الْبَصْرِيِّينَ: إِنَّ ذَلِكَ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ لَا يُعْطَى إِلَّا بِأَحَدِهِمَا وَلَا يُجْمَعُ لَهُ بَيْنَهُمَا وَمَا قَالَهُ فِي فَرْضِ الزَّكَاةِ مِنْ جَوَازِ إِعْطَائِهِ بِالسَّبَبَيْنِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ مِنْ زَكَاتَيْنِ.
وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ: إِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى بِالسَّبَبَيْنِ إِذَا اخْتَلَفَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى بِهِمَا إذا