للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فَصْلٌ)

فَإِذَا تَقَرَّرَ تَوْجِيهُ الْأَقَاوِيلِ، فَإِنْ قُلْنَا بِبُطْلَانِ عِتْقِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَالرَّهْنُ عَلَى حَالِهِ وَكَأَنَّ لَفْظَ الْعِتْقِ لَمْ يُوجَدْ.

وَإِنْ قُلْنَا بِنُفُوذِ عِتْقِهِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ إِنْ كَانَ موسرا، واعتبار القيمة من وَقْتِ تَلَفُّظِهِ بِالْعِتْقِ، وَهُوَ حُرٌّ بِاللَّفْظِ دُونَ دَفْعِ الْقِيمَةِ قَوْلًا وَاحِدًا كَمَا قُلْنَا فِي الْإِحْبَالِ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ صَادَفَ مِلْكَهُ فَإِذَا غَرِمَ الْقِيمَةَ كَانَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ رَهْنًا مَكَانَهَا أَوْ قِصَاصًا مِنَ الْحَقِّ عَلَى مَا مَضَى وَإِنْ كَانَ فِي حَالِ عِتْقِهِ مُعْسِرًا ثُمَّ أَيْسَرَ فِيمَا بَعْدُ أُخِذَتْ مِنْهُ الْقِيمَةُ بَعْدَ يَسَارِهِ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ مُسْتَهْلِكًا لِلرَّهْنِ ومن لزمه غرم مات اسْتَهْلَكَ وَأَعْسَرَ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ إِذَا أَيْسَرَ.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوِ بِيعَتْ أُمُّ الْوَلَدِ بِمَا وَصَفْتُ ثُمَّ مَلَكَهَا سَيِّدُهَا فَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ بِذَلِكَ الْوَلَدِ (قَالَ الْمُزَنِيُّ) قُلْتُ أَنَا أَشْبَهُ بِقَوْلِهِ أَنْ لا تصير أم ولد له لأن قوله إن الْعَقْدُ إِذَا لَمْ يَجُزْ فِي وَقْتِهِ لَمْ يجز بعده حتى يبتدأ بما يجوز وقد قال لا يكون إحباله لها أكبر من عتقها (قال) ولو أعتقها أبطلت عتقها (قال المزني) قلت أنا فهي في معنى من أعتقها من لا يجوز عتقه فيها فهي رقيق بحالها فكيف تعتق أو تصير أم ولد بِحَادِثٍ مِنْ شِرَاءٍ وَهِيَ فِي مَعْنَى مَنْ أعتقها محجور ثُمَّ أَطْلَقَ عَنْهُ الْحَجْرَ فَهُوَ لَا يَجْعَلُهَا حرة عليه أبدا بهذا ".

قال الماوردي: إِذَا أَوْلَدَ الرَّاهِنُ أَمَتَهُ الْمَرْهُونَةَ ثُمَّ بِيعَتْ عَلَيْهِ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ أَوْ بِيعَ مِنْهَا بِقَدْرِ الدَّيْنِ ثُمَّ مَلَكَهَا أَوْ مَلَكَ مَا بَاعَ مِنْهَا صَارَتْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ بِذَلِكَ الْإِحْبَالِ وَحَرُمَ عَلَيْهِ بَيْعُهَا سَوَاءٌ مَلَكَهَا بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ، لِأَنَّهَا قَدْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ بِحَمْلِهَا بِحُرِّ مِنْهُ، وَإِنَّمَا بِيعَتْ بِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ. فَإِذَا زَالَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ وَعَادَتْ إِلَى مِلْكِهِ عَادَتْ إِلَى حُكْمِهَا الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ فِي مِلْكِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِعِتْقِهَا وَهِيَ مَرْهُونَةٌ فَلَمْ يَحْكُمْ بِنُفُوذِ إِقْرَارِهِ وَبِيعَتْ عَلَيْهِ فِي الرَّهْنِ ثُمَّ مَلَكَهَا عَتَقَتْ عَلَيْهِ بِالْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ عِتْقَهَا قَدْ كَانَ مَحْكُومًا بِهِ وَإِنَّمَا بِيعَتْ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِرَقَبَتِهَا قَبْلَ الْإِقْرَارِ فَإِذَا زَالَ حَقُّهُ وَعَادَتْ إِلَى مِلْكِهِ نَفَذَ عِتْقُهُ كَذَلِكَ أُمُّ الْوَلَدِ.

وَقَالَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ الْمُزَنِيُّ: إِذَا مَلَكَ أُمَّ وَلَدِهِ بَعْدَ أَنْ بِيعَتْ عَلَيْهِ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ إِلَّا بِإِحْبَالٍ مُسْتَحْدَثٍ بَعْدَ الْمِلْكِ الثَّانِي اسْتِدْلَالًا بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ.

أَحَدُهَا: أَنْ قَالَ: الْعَقْدُ إِذَا لَمْ يَجُزْ فِي وَقْتِهِ لَمْ يَجُزْ بَعْدَهُ حَتَّى يُبْتَدَأَ بِمَا يَجُوزُ وَالْجَوَابُ عَنْهُ:

أَنَّ الْإِحْبَالَ لَيْسَ بِعَقْدٍ فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَقَعَ مَوْقُوفًا، أَلَا تَرَى أَنَّ إِحْبَالَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ كَإِحْبَالِ غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فِي أَنَّهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ. وَلَوْ كَانَ عَقْدًا مَا صَحَّ مِنَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ كَمَا لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>