للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَاهِدَيْنِ بِإِثْبَاتٍ وَنَفْيٍ. أَمَّا الْإِثْبَاتُ فَشَهَادَتُهُمَا بِهِ عَلَى الْبَتِّ وَالْقَطْعِ، وَهِيَ مَقْبُولَةٌ سَوَاءٌ كَانَا مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ الْبَاطِنَةِ بِالْمَيِّتِ أَمْ لَا لِأَنَّهُمَا قَدْ يَصِلَانِ إِلَى الْعِلْمِ بِهِ كَمَا يَصِلُ إِلَيْهِ مَنْ كَانَ مِنْ خُلَطَائِهِ، وَأَمَّا النفي فشهادتهما عَلَى الْعِلْمِ دُونَ الْبَتِّ وَالْقَطْعِ لِأَنَّهُ لَا يُوصَلُ إِلَى نَفْسِهِ وَإِنَّمَا يُعْلَمُ مِنْ غَالِبِ أَحْوَالِهِ، وَتَصِحُّ الشَّهَادَةُ عَلَى النَّفْيِ إِذَا كَانَ تَبَعًا لِلْإِثْبَاتِ وَلَا تَصِحُّ عَلَى نَفْيٍ مُجَرَّدٍ وهي ههنا تَبَعًا لِلْإِثْبَاتِ فَصَحَّتْ أَلَا تَرَى إِلَى مَا رُوِيَ عَنْ عَلَيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: مَا كَانَ يَحْجِزُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ شَيْءٌ إِلَّا الْجَنَابَةَ.

فَصَحَّ نَفْيُهُ لَمَّا اقْتَرَنَ بِإِثْبَاتٍ وَإِذَا صَحَّتِ الشَّهَادَةُ عَلَى النَّفْيِ تَبَعًا لِلْإِثْبَاتِ اعْتُبِرَ حَالُ الشَّاهِدَيْنِ بِهِ. فَإِنْ كَانَا مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ الْبَاطِنَةِ بِالْمَيِّتِ قَبْلَ شَهَادَتِهِمَا فِي النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ مَعًا ودفع المال للمشهود له. ألا ترى أن علياً كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ الْبَاطِنَةِ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَصَحَّ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ بِالنَّفْيِ تَبَعًا لِلْإِثْبَاتِ فِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَحْجِزُهُ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ شَيْءٌ إِلَّا الْجَنَابَةَ.

وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الشَّاهِدَانِ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ الْبَاطِنَةِ بِالْمَيِّتِ وَلَا مِمَّنْ خَبَرَ جَمِيعَ أَحْوَالِهِ فِي حَضَرِهِ وَسَفَرِهِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا عَلَى النَّفْيِ لِوَارِثٍ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِيمَا خَفِيَ عَلَيْهِمَا مِنْ حَالِهِ نَسَبٌ لَمْ يَعْلَمَا بِهِ ولا يكون ذلك قد خالف ما شهدا به من الإثبات فتعتبر الشَّهَادَة بِهَا بِإِثْبَاتٍ مُجَرَّدٍ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ فَهَذَا قِسْمٌ.

فَصْلٌ

: وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ تَتَضَمَّنَ الشَّهَادَةُ إِثْبَاتَ مِيرَاثِهِ وَمِيرَاثَ غَيْرِهِ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُثْبِتَا مِيرَاثَ غَيْرِهِ إِثْبَاتَ شَهَادَةٍ.

وَالثَّانِي: أَنْ يُثْبِتَا مِيرَاثَ غَيْرِهِ إِثْبَاتَ خَبَرٍ.

فَإِنْ كَانَ إِثْبَاتَ شَهَادَةٍ فَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ: نَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا هَذَا وَارِثُ فُلَانٍ الْغَائِبِ يَرِثَانِهِ بِوَجْهِ كَذَا فَإِنْ وَصَلَا الشَّهَادَةَ بِأَنْ قَالَا: لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُمَا تَمَّتْ إِذَا كَانَا مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ الْبَاطِنَةِ وَدُفِعَ إِلَى الْحَاضِرِ حَقَّهُ مِنَ التَّرِكَةِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى، وَوُقِفَ لِلْغَائِبِ حَقُّهُ مِنْهَا. وَإِنْ لَمْ يَقُولَا: لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُمَا صَارَتْ شَهَادَةً بِإِثْبَاتِ مِيرَاثِ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ مِنْ غَيْرِ نَفْيِ الْمِيرَاثِ عَنْ غَيْرِهِمَا فَيَكُونُ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ.

وَإِنْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ الشَّاهِدَانِ مِنْ مِيرَاثِ غَيْرِهِ إِثْبَاتَ خَبَرٍ لَا شَهَادَةً فَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَا: نَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا هذا وارث فلان ونعلم أنه له وارثاً غيره فيكون ذلك أو بلغنا أنه له وارث خيراً مِنْهُمَا يُوجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ الِاحْتِيَاطَ وَالْكَشْفَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْفُذَ فِيهِ حُكْمُ الْإِثْبَاتِ وَالْقَطْعِ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَخْلُو حَالُ الْحَاضِرِ من ثلاثة أقسام:

<<  <  ج: ص:  >  >>