للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِذَا ثَبَتَ بِهَذَيْنِ أَنَّهُ كَالْجِنَايَةِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَانِعًا مِنَ الرَّدِّ كَالْعَيْبِ كَالْجِنَايَةِ.

وَالدَّلَالَةُ عَلَى أَنْ لَا يُمْنَعَ مِنَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَنَّ الْوَطْءَ أَقَلُّ مِنَ الْخِدْمَةِ لِأَنَّ الْوَطْءَ يلد ويطرب والخدمة تكدر وتعب فَلَمَّا جَازَ لَهُ الرَّدُّ مَعَ مَا أَكَدَّ وأتعب فأولى أن يجوز مع ما ألد وَأَطْرَبَ وَقَدْ يَتَحَرَّرُ هَذَا الِاسْتِدْلَالُ قِيَاسًا فَيُقَالُ لِأَنَّهُ مَعْنًى لَمْ يُؤَثِّرْ فِي الْعَيْنِ وَالْقِيمَةِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يُمْنَعَ مِنَ الرَّدِّ كَالْخِدْمَةِ وَلِأَنَّ وَطْءَ الْأَجْنَبِيِّ بِالزِّنَا كَرْهًا أَغْلَظُ مِنْ وَطْءِ الْمُشْتَرِي بِالْمِلْكِ طَوْعًا فَلَمَّا كَانَ زِنَا الْأَجْنَبِيِّ بِهَا لَا يُمْنَعُ مِنَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَوَطْءُ الْمُشْتَرِي أَحْرَى أَنْ لَا يُمْنَعَ مِنَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَتَحْرِيرُهُ أَنَّهُ اسْتِمْتَاعٌ لَمْ يَتَضَمَّنْ إِتْلَافًا فَوَجَبَ أَنْ لَا يَمْنَعَ مِنَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ قِيَاسًا عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَلِأَنَّهَا أَوْلَى لَوْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ لَمْ يَكُنْ وَطْءُ الزَّوْجِ مَانِعًا لِلْمُشْتَرِي مِنَ الرَّدِّ فَوَطْءُ الْمُشْتَرِي أَوْلَى أَنْ لَا يَمْنَعَهُ مِنَ الرَّدِّ كَالزَّوْجِ وَتَحْرِيرُهُ قِيَاسًا أَنَّهُ وَطْءٌ لَوْ كَانَ حَرَامًا، لَمْ يُمْنَعْ مِنَ الرَّدِّ فَأَوْلَى إِذَا كَانَ حَلَالًا أَنْ لَا يُمْنَعَ مِنَ الرَّدِّ كَالزَّوْجِ وَلِأَنَّ كُلَّ مَعْنًى لَوْ حَدَثَ عِنْدَ الْبَائِعِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَثْبُتْ لِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ وَجَبَ إِذَا كَانَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَنْ لَا يَمْنَعَهُ مِنَ الرَّدِّ كَالْقُبْلَةِ.

وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهَا لو وطأت فِي يَدِ الْبَائِعِ بِشُبْهَةٍ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَيْبًا يَسْتَحِقُّ بِهِ الْمُشْتَرِي الْفَسْخَ فَكَذَلِكَ إِذَا وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَيْبًا يَمْنَعُهُ مِنَ الرَّدِّ.

فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى وَطْءِ الْبِكْرِ فَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ نَقْصٌ يُوكِسُ مِنْ ثَمَنِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ الثَّيِّبُ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ إِنَّ الْوَطْءَ كَالْجِنَايَةِ فَغَلَطٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْجِنَايَةَ نَقْصٌ يُوكِسُ الْقِيمَةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْوَطْءُ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْجِنَايَةَ لَمَّا لَمْ يَخْتَلِفْ حُكْمُهَا فِي وُجُودِهَا مِنَ الْمُشْتَرِي وَغَيْرِهِ فِي الْمَنْعِ مِنَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَاخْتَلَفَ عِنْدَهُمْ وَطْءُ الْمُشْتَرِي وَغَيْرِهِ فِي الْمَنْعِ مِنَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ دَلَّ عَلَى اخْتِلَافِ حُكْمِهَا وَاللَّهُ أعلم.

[مسألة:]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا فَافْتَضَّهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا نَاقِصَةً كَمَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَقْبَلَهَا نَاقِصَةً وَيَرْجِعُ بِمَا بَيْنَ قِيمَتِهَا مَعِيبَةً وَصَحِيحَةً مِنَ الثَّمَنِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ.

إِذَا كَانَتِ الْجَارِيَةُ الْمَعِيبَةُ بِكْرًا فَافْتَضَّهَا الْمُشْتَرِي وَأَذْهَبَ بَكَارَتَهَا ثُمَّ وَجَدَهَا مَعِيبَةً فَأَرَادَ رَدَّهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّ إِذْهَابَ الْبَكَارَةِ نَقْصٌ فِيهَا مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: فِي الْبَدَنِ.

وَالثَّانِي: فِي الثَّمَنِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِالْأَرْشِ لِيَصِيرَ إِلَى بَدَلِ مَا ظَهَرَ عَلَيْهِ مِنَ النَّقْصِ وَاعْتِبَارُ الْأَرْشِ أَنْ تَقُومَ الْجَارِيَةُ وَهِيَ لَا عَيْبَ بِهَا فِي أَوَّلِ حَالَتِهَا فِيهِ من

<<  <  ج: ص:  >  >>