للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزَّوْجَةُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ حُرَّةً أَوْ أَمَةً مُسْلِمَةً أَوْ كَافِرَةً عَاقِلَةً أَوْ مَجْنُونَةً، لِأَنَّهَا إِصَابَةٌ مِنْ زَوْجٍ فِي نِكَاحٍ صحيح.

[(مسألة:)]

قال الشافعي: (وَلَوْ أَصَابَهَا صَائِمَةً أَوْ مُحْرِمَةً أَسَاءَ وَقَدْ أَحَلَّهَا) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: الْوَطْءُ الْمُحَرَّمُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مَعَ صِحَّةِ الْعَقْدِ. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ لِفَسَادِ الْعَقْدِ.

فَأَمَّا تَحْرِيمُهُ وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ فَكَالْوَطْءِ فِي حَيْضٍ أَوْ صَوْمٍ أَوْ إِحْرَامٍ فَهُوَ يُحِلُّهَا وَإِنْ حُرِّمَ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُحِلُّهَا حَتَّى تَكُونَ حَلَالًا، فَإِنْ كَانَ حَرَامًا لَا تَحِلُّ كَالزِّنَا، وَكَالْوَطْءِ مَعَ فَسَادِ الْعَقْدِ، وَهَذَا فَاسِدٌ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ) فَجَعَلَ الْإِبَاحَةَ بِشَرْطَيْنِ الْعَقْدِ وَذَوْقِ الْعُسَيْلَةِ، وَقَدْ وُجِدَا فَوَجَبَ أَنْ يُوجِدَا الْإِبَاحَةَ، وَلِأَنَّهُ وَطْءٌ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ فَوَجَبَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ التَّحْلِيلُ كَالْمُبَاحِ.

فَأَمَّا الزِّنَا فَلَا يُحِلُّ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَرَطَ فِيهِ نِكَاحَ زَوْجٍ.

وَأَمَّا الْوَطْءُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ فَالْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِ فِي الْقَدِيمِ أَنَّهُ لَا يُحِلُّهَا كَالْوَطْءِ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَالشِّغَارِ كَالنِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ، لِأَنَّهُ لَا يَسْتَنِدُ إِلَى صِحَّةِ عَقْدٍ، وَإِنْ سَقَطَ فِيهِ الْحَدُّ فَاشْتَبَهَ الْوَطْءُ بِالشُّبْهَةِ، إِذَا خَلَا عَنْ عَقْدٍ، وَقَدْ خَرَجَ قَوْلٌ آخَرُ فِي الْقَدِيمِ مِنْ نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ أَنَّهُ يُحِلُّهَا لِلزَّوْجِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامُ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ فِي وُجُوبِ الْمَهْرِ وَالْعِدَّةِ وَلُحُوقِ النَّسَبِ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَفْسُدُ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ.

(فَصْلٌ:)

وَأَمَّا نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ فَهُوَ أَنْ يُحِلَّ، فَالْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا إِذَا نَكَحَتْ زَوْجًا لِتَحَلَّ بِهِ لِلْأَوَّلِ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا وَيَتَمَسَّكَ بِهَا فَتَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَنَّهَا تَنْكِحُهُ لِيُحِلَّهَا لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ حَتَّى تَعُودَ إِلَيْهِ فَهَذَا مَحْظُورٌ.

رَوَى سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَرِيكٍ الْعَامِرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - المستحل والمستحل له، وكلاهما وَإِنْ كَانَ إِلَى عَشْرِ سِنِينَ، وَإِنْ كَانَ إِلَى عِشْرِينَ سَنَةً، وَإِنْ كَانَ إِلَى ثَلَاثِينَ.

رَوَى اللَّيْثُ عَنْ مِسْرَحٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ) قَالُوا بَلَى قَالَ: (هو المحل) ثم قال (لعن الله المحل وَالْمُحَلَّلَ لَهُ) فَإِذَا تَقَرَّرَ وَحُظِرَ هَذَا الشَّرْطُ فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>