وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِ الزُّهْرِيِّ وَمَالِكٍ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ فَهُوَ أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي الْخُلْعِ حُكْمُ الطَّلَاقِ دُونَ الْعِوَضِ، وَالطَّلَاقُ لَا يَمْلِكُهُ الْوَلِيُّ مُنْفَرِدًا كَالْأَجْنَبِيِّ فَكَذَلِكَ لَا يَمْلِكُهُ مَعَ غَيْرِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ.
(فَصْلٌ:)
إِذَا خَالَعَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ عَلَى أَلْفٍ وَأَعْطَاهَا عَبْدًا فَقَدْ صَارَ بَائِعًا لِلْعَبْدِ وَمُخَالِعًا عَنِ الْبُضْعِ بِأَلْفٍ فَصَارَ عَقْدُهُ قَدْ جَمَعَ بَيْعًا وَخُلْعًا فَكَانَ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ بَاطِلٌ فِيهِمَا وَيَقَعُ طَلَاقُهُ بَائِنًا، وَيَكُونُ لَهُ عَلَيْهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، وَيَرُدُّ الْأَلْفَ عَلَيْهَا، وَتَرُدُّ الْعَبْدَ عَلَيْهِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ جَائِزٌ فِيهِمَا، وَيَكُونُ مَا قَابَلَ الْعَبْدَ مِنَ الْأَلْفِ ثَمَنًا، وَمَا قَابَلَ الْبُضْعَ مِنَ الْأَلْفِ خُلْعًا، فَيُقَالُ: كَمْ قِيمَةُ الْعَبْدِ؟ ، فَإِذَا قِيلَ: أَلْفٌ.
قِيلَ: وَكَمْ مَهْرُ الْمِثْلِ؟
فَإِذَا قِيلَ: خَمْسُمِائَةٍ كَانَ ثُلُثَا الْأَلْفِ ثَمَنًا وَثُلُثُهَا خُلْعًا، فَإِذَا رَدَّتِ الْعَبْدَ بِعَيْبٍ رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِثُلُثَيِ الْأَلْفِ سِتِّمِائَةٍ وَسِتَّةٍ وَسِتِّينَ دِرْهَمًا وَثُلُثَيْ دِرْهَمٍ.
وَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى عَبْدٍ وَأَعْطَاهَا أَلْفًا صَارَ مُتَمَلِّكًا لِلْعَبْدِ بِبُضْعِهَا وَبِأَلْفٍ فَيَكُونُ مَا قَابَلَ الْأَلْفَ مِنَ الْعَبْدِ مَبِيعًا، وَمَا قَابَلَ مَهْرَ الْمِثْلِ مِنَ الْعَبْدِ خُلْعًا، فَيُقَالُ: كَمْ مَهْرُ الْمِثْلِ، فَإِذَا قِيلَ: أَلْفٌ ضُمَّتْ إِلَى الْأَلْفِ الَّتِي بَذَلَهَا الزَّوْجُ فَصَارَتْ أَلْفَيْنِ فِي مُقَابَلَةِ الْعَبْدِ، فَيَكُونُ نِصْفُ الْعَبْدِ مَبِيعًا بِأَلْفٍ، وَنِصْفُهُ عِوَضًا عَنِ الْبُضْعِ، فَإِنْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَأَرَادَ رَدَّ جَمِيعِهِ فِي الْبَيْعِ وَالْخُلْعِ جَازَ وَرَجَعَ عَلَيْهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ الَّذِي هُوَ أَلْفٌ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَرُدَّ مِنْهُ الْمَبِيعَ دُونَ الْخُلْعِ أَوِ الْخُلْعَ دُونَ الْمَبِيعِ فَفِي جَوَازِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهَا.
وَقِيلَ: إِمَّا أَنْ يَرُدَّ جَمِيعَهُ، أَوْ يُمْسِكَ جَمِيعَهُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ ذَلِكَ، لِأَنَّهُمَا عَقْدَانِ يَنْفَرِدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِحُكْمِهِ، فَعَلَى هَذَا إِنْ رَدَّ الْمَبِيعَ مِنْهُ رَجَعَ بِالْأَلْفِ وَإِنْ رَدَّ الْخُلْعَ مِنْهُ رَجَعَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute