للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُقْطَعُ، لِأَنَّ لِلْحِمَارِ اخْتِيَارًا يَتَصَرَّفُ بِهِ إِذَا لَمْ يُقْهَرْ بِخِلَافِ الْمَاءِ الْجَارِي وَذَكَرَهُ أَبُو حَامِدٍ الْمَرْوَزِيُّ فِي جَامِعِهِ.

وَمِثْلُهُ: إِذَا فَتَحَ قَفَصًا عَنْ طَائِرٍ فَطَارَ عَقِيبَ فَتْحِهِ، فَإِنْ نَفَّرَهُ حَتَّى طَارَ ضَمِنَهُ، وَإِنْ لَمْ يُنَفِّرْهُ حَتَّى طَارَ عَقِيبَ فَتْحِهِ فَفِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ، وَذَكَرَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْحِمَارِ وَجْهًا ثَالِثًا: أَنَّهُ إِنْ سَارَ عَقِيبَ حَمْلِهِ قُطِعَ، وَإِنْ سَارَ بَعْدَ وُقُوفِهِ لَمْ يُقْطَعْ كَمَا لَوْ وَقَفَ الطَّائِرُ بَعْدَ فَتْحِ الْقَفَصِ ثُمَّ طَارَ لَمْ يُضَمَّنْ، وَلِهَذَا الْوَجْهِ وَجْهٌ.

(فَصْلٌ)

وَلَوْ دَفَعَ السَّرِقَةَ فِي الْحِرْزِ إِلَى صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ فَخَرَجَ بِهَا فَإِنْ كَانَ عَنْ أَمْرِهِ أَوْ بِإِشَارَتِهِ قُطِعَ، وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ وَلَمْ يُشِرْ إليه حتى خرج بها فقد اختلف أصحاب الشَّافِعِيِّ فِي جِنَايَةِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ هَلْ يَجْرِي عَلَيْهَا حُكْمُ الْعَمْدِ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أحدهما: يجري عليها حُكْمُ الْعُمَدِ، فَعَلَى هَذَا لَا يُقْطَعُ السَّارِقُ كَمَا لَوْ دَفَعَهَا إِلَى بَالِغٍ عَاقِلٍ.

وَالْقَوْلُ الثاني: يكون خطأ لا يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْعَمْدِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ كَوَضْعِهَا عَلَى الْحِمَارِ فَيَكُونُ فِي قَطْعِ السَّارِقِ وجهان.

[(فصل)]

ولو دخل الحرز فأخذ جَوْهَرَةً فَابْتَلَعَهَا وَخَرَجَ بِهَا فِي جَوْفِهِ فَفِي قَطْعِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ قَدِ استهلكها في حرزها وصار كَالطَّعَامِ إِذَا أَكَلَهُ فِيهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقْطَعُ لبقاء عينها عند خروجه بها ووصوله إِلَى أَخْذِهَا.

وَذَكَرَ أَبُو الْفَيَّاضِ وَجْهًا ثَالِثًا: أنها إن خرجت بدواء وعلاج لَمْ يُقْطَعْ وَإِنْ خَرَجَتْ عَفْوًا بِغَيْرِ عِلَاجٍ ولا دواء قطع.

[(فصل)]

وإذا نقب سُفْلَ غُرْفَةٍ فِيهَا حِنْطَةٌ فَانْثَالَتْ عَلَيْهِ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ حِرْزِهَا فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَنْثَالَ مِنْهَا فِي دُفْعَةٍ وَاحِدَةٍ مَا يَبْلُغُ نِصَابًا فَيَقْطَعُ؛ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ مِنَ الْحِرْزِ بِفِعْلِهِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَنْثَالَ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ نِصَابًا فِي دُفُعَاتٍ فَفِي قطعه وجهان:

أحدهما: لا يقطع؛ لأنه المتفرقة من السرقة لا ينبني بعضه عَلَى بَعْضٍ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ انْثِيَالَهُ عن فعل واحد وكان مجموعاً عن سرقة واحداً

<<  <  ج: ص:  >  >>