للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خَطَأٌ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " نَهَى عَنِ التَّصْرِيَةِ " وَجَعَلَهَا تَدْلِيسًا ثُمَّ قَالَ: مَنِ ابْتَاعَهَا فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِبَهَا إِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعًا وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا بِالتَّدْلِيسِ لَرَدَّ وَلَمْ يُخَيَّرْ وَلِأَنَّ النَّهْيَ إِذَا تَوَجَّهَ إِلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَانَ مُبْطِلًا لِلْعَقْدِ كَالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ وَإِذَا كَانَ لِمَعْنًى فِي الْمُتَعَاقِدَيْنِ لَمْ يَكُنِ النَّهْيُ مُبْطِلًا لِلْعَقْدِ كَالنَّهْيِ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَالنَّهْيُ عَنِ التَّدْلِيسِ بِمَعْنًى فِي الْعَاقِدِ دُونَ الْمَعْقُودِ فَلَمْ يَكُنِ النَّهْيُ مُبْطِلًا لَهُ.

مَسْأَلَةٌ:

قَالَ الشافعي رحمه الله تعالى: " وَأَكْرَهُ بَيْعَ الْعَصِيرِ مِمَّنْ يَعْصِرُ الْخَمْرَ وَالسَّيْفِ مِمَّنْ يَعْصِي اللَّهَ بِهِ وَلَا أَنْقُضُ الْبَيْعَ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِنَّمَا كَرِهْنَا بَيْعَ الْعَصِيرِ مِنَ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالْعِنَبِ عَلَى مَنْ يَعْصِرُ الْخَمْرَ وَبَيْعَ اللُّصُوصِ وَقُطَّاعَ الطُّرُقِ وَأَهْلَ الْبَغْيِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعُونَتِهِمْ عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَعْصِيَةَ لَيْسَتْ فِي الْحَالِ وَإِنَّمَا هِيَ مَظْنُونَةٌ فِي ثَانِي الْحَالِ فَلَمْ يَمْنَعْ صِحَّةَ الْبَيْعِ فِي الْحَالِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ لَا يَعْصِيَ اللَّهَ تَعَالَى بِهِ فَيَجْعَلُ الْعَصِيرَ خَلًّا وَيُجَاهِرُ بِالسِّلَاحِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى.

فَصْلٌ:

فَأَمَّا بَيْعُ السِّلَاحِ عَلَى أَهْلِ الْحَرْبِ فَحَرَامٌ لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْوِيَةِ أَعْدَاءِ اللَّهِ عَلَى أَهْلِ دِينِ اللَّهِ، فَإِنَّ بَيْعَ السِّلَاحِ عَلَيْهِمْ لَمْ يجز في الْعَقْدِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: الْبَيْعُ بَاطِلٌ لِتَحْرِيمِ إِمْضَائِهِ.

وَالثَّانِي: صَحِيحٌ، وَلَكِنْ يَنْفَسِخُ عَلَيْهِمْ وَالْوَجْهَانِ مُخَرَّجَانِ من اختلاف قولين فِي الذِّمِّيِّ إِذَا اشْتَرَى عَبْدًا مُسْلِمًا:

أَحَدُهُمَا: الْعَقْدُ بَاطِلٌ.

وَالثَّانِي: صَحِيحٌ، وَلَكِنْ يُفْسَخُ عَلَيْهِ وَيُؤْمَرُ بِبَيْعِهِ وَكَذَا الْمُصْحَفُ إِذَا بِيعَ عَلَيْهِ يَكُونُ الْعَقْدُ بَاطِلًا فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَصَحِيحًا فِي الْقَوْلِ الثَّانِي لَكِنْ يُفْسَخُ عَلَيْهِ، فَأَمَّا بَيْعُ أَحَادِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ وَبَيْعُ كُتُبِ الْفِقْهِ عَلَيْهِمْ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَهَلْ يُفْسَخُ عَلَيْهِمْ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يُفْسَخُ عَلَيْهِمْ خَوْفًا مِنْ تَبْدِيلِهِمْ.

وَالثَّانِي: لَا يُفْسَخُ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ رُبَّمَا اسْتَدَلُّوا فِيهَا عَلَى صِحَّةِ الْإِسْلَامِ وَدَفْعِهِمْ ذَلِكَ عَلَى الدُّخُولِ فِيهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>