للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَثَرًا، وَاللَّاحِقُ بِالثَّالِثِ قِيَاسًا، وَمُنِعَ مِنْ إِلْحَاقِهِ بِالرَّابِعِ قِيَاسًا وَأَلْحَقَهُ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِكُلِّ مَنِ ادَّعَاهُ وَإِنْ كَانُوا مِائَةً قِيَاسًا عَلَى الْأَثَرِ فِي الثَّانِي، فَنَاظَرَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ رَحِمَهُ اللَّهُ على قول أبي يوسف رحمه الله وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِلًا فِي الْعَدَدِ بِقَوْلِهِمَا فَلِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لَهُمَا فِي تَرْكِ الْقِيَافَةِ، وَإِلْحَاقِهِ بِالِاثْنَيْنِ، وَإِذَا بَطَلَ قَوْلُهُمَا فِي إِلْحَاقِهِ بِأَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْنِ بَطَلَ قَوْلُهُ فِي إِلْحَاقِهِ بِالِاثْنَيْنِ.

وَلِأَنَّ اسْتِعْمَالَ الْقَافَةِ بِالشَّبَهِ، وَالْأَثَرِ، وَالْعُرْفِ.

فَابْتَدَأَ الشَّافِعِيُّ بِمُنَاظَرَتِهِ عَلَى الْقِيَاسِ فِي الرَّابِعِ، كَالثَّالِثِ فَلِمَ جَعَلَ الثَّالِثَ قِيَاسًا، وَلَمْ يَجْعَلِ الرَّابِعَ قِيَاسًا. وَإِنِ امْتَنَعَ فِي الرَّابِعِ، امْتَنَعَ فِي الثَّالِثِ فَبَطَلَ فِيهِ اسْتِعْمَالُ الْقِيَاسِ، وَلَمْ يَبْقَ فِيهِ إِلَّا الْأَثَرُ الْمَرْوِيُّ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الثَّانِي، وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِيهِ عَنْ عُمَرَ فَرَوَى عَنْهُ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، أَنَّهُ قَالَ لِلْوَلَدِ: انْتَسِبْ إِلَى أَيِّهِمَا شِئْتَ.

وَرَوَي عَنْهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، أَنَّهُ قَضَى بِهِ لَهُمَا يَرِثَانِهِ وَيَرِثُهُمَا، وَهُوَ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا فلم تكن لإحدى الرِّوَايَتَيْنِ بِأَوْلَى مِنَ الْأُخْرَى، فَتَعَارَضَا، وَأَوْجَبَ التَّعَارُضُ سُقُوطُهُمَا.

(فَصْلٌ)

: ثُمَّ عَدَلَ الشَّافِعِيُّ فِي مُنَاظَرَتِهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ إَنَّهُمْ يَشْتَرِكُونَ فِي نَسَبِهِ، وَلَوْ كَانُوا مِائَةً كَمَا يَشْتَرِكُونَ فِي الْمَالِ، فَأَبْطَلَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ هذا القول من أربعة أوجه:

أحدهما: أَنَّهُ قَالَ لَوْ مَاتَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِي الْمَالِ، لَمْ يَمْلُكِ الْحَيُّ إِلَّا مَا كَانَ يَمْلِكُ قَبْلَ مَوْتِ صَاحِبِهِ.

قَالَ: لَا.

فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: " زَعَمْتَ إِنْ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَرِثَهُ مِيرَاثَ ابْنٍ تَامٍّ، وَانْقَطَعَتْ أُبُوَّتُهُ " فَأَبْطَلَ الشَّافِعِيُّ بِهَذَا قِيَاسَهُمْ عَلَى الْمَالِ، لِأَنَّ مَوْتَ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ فِيهِ لَا يُوجِبُ انْتِقَالَ حَقِّهِ إِلَيْهِمْ، وَعِنْدَهُمْ أَنَّ مَوْتَ أَحَدِ الْآبَاءِ يُوجِبُ انْتِقَالَ أُبُوَّتِهِ إِلَيْهِمْ، فَبَطَلَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا قِيَاسًا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إِنْ قَالَ زَعَمْتَ أَنْ لَوْ مَاتَ رَجُلٌ وَاحِدٌ وَرِثَهُ مِيرَاثَ أَبٍ تَامٍّ وَانْقَطَعَتْ أُبُوَّتُهُ، فَإِنْ مَاتَ وَرِثَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَهْمًا مِنْ مِائَةِ سَهْمٍ مِنْ مِيرَاثِ أَبٍ، فَهَلْ رَأَيْتَ أَبًا قَطُّ إِلَى مُدَّةٍ؟ فَأَبْطَلَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ بِهَذَا إِلْحَاقَ نَسَبِهِ بِالْجَمَاعَةِ، لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّهُ إِذَا مَاتَ أَحَدُهُمُ انْقَطَعَ نَسَبُهُ مِنْهُ فَصَارَ أَبًا فِي حَيَاتِهِ وَغَيْرَ أَبٍ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَجَعَلُوا نَسَبَهُ مُقَدَّرًا بِمُدَّةِ حَيَّاتِهِ، وَلَمْ نَرَ أَبًا قَطُّ إِلَى مُدَّةٍ.

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذَا انْقَطَعَتْ أُبُوَّتُهُ عَنِ الْمَيِّتِ. أَيَتَزَوَّجُ بَنَاتَهُ، وَهُنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>