وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَحْدُثَ الْفِسْقُ بَعْدَ نُفُوذِ الْحُكْمِ وَقَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ، فَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أضرب:
أحدهما: أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ مَالًا أَوْ فِي مَعْنَى الْمَالِ، فَيَجِبُ اسْتِيفَاؤُهُ بَعْدَ الْفِسْقِ لِنُفُوذِ الْحُكْمِ قَبْلَ الْفِسْقِ تَعْلِيلًا بِالْمَعْنَيَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ حَدًّا وَجَبَ لِلَّهِ خَاصَّةً، كَحَدِّ الزِّنَا وَجِلْدِ الْخَمْرِ وَقِطَعِ السَّرِقَةِ، مِمَّا يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ. فَيَسْقُطُ بِحُدُوثِ الْفِسْقِ وَلَا يُسْتَوْفَى لِأَنَّ حُدُوثَهُ شُبْهَةٌ.
وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ حَدًّا قَدْ وَجَبَ لِآدَمِيٍّ كَالْقِصَّاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ فَفِي سُقُوطِهِ بِحُدُوثِ الْفِسْقِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَسْقُطُ لِكَوْنِهِ حَدًّا يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَسْقُطُ لِأَنَّه مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ كَالْأَمْوَالِ.
( [الْقَوْلُ فِيمَا لَوْ حَكَمَ لِشُهُودٍ فَاسْقِينَ] )
(فَصْلٌ)
: وَإِذَا بَانَ لِلْحَاكِمِ بَعْدَ حُكْمِهِ أَنَّ فِسْقَ الشَّاهِدَيْنِ حَدَثَ قَبْلَ شَهَادَتِهِمَا، نَقَضُ حُكْمِهِ كَمَا لَوْ بَانَ لَهُ مُخَالَفَةُ النَّصِّ، وَاسْتَرْجَعَ مَا اسْتَوْفَاهُ بِحُكْمِهِ إِنْ أَمْكَنَ، وَإِنْ كَانَ قِصَاصًا لَا يُمْكِنُ اسْتِرْجَاعُهُ ضَمِنَ الْحَاكِمُ بِالدِّيَةِ وَالْكَفَّارَةِ، وَفِي مَحَلَّةِ الدِّيَةِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: عَلَى عَاقِلَتِهِ، فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْكَفَّارَةُ فِي مَالِهِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: فِي بَيْتِ الْمَالِ. فَعَلَى هَذَا فَفِي الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: فِي بَيْتِ الْمَالِ.
وَالثَّانِي: فِي مَالِهِ. وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي تعزير الإمام إذا أقضى إلى التلف.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute