وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ أُبْرِئَ مِنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِنْ طَلَقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ}
وَفِيهِ تَأْوِيلَانِ:
أَحَدُهُمَا: مَعْنَاهُ فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ لَكُمْ يَرْجِعُ إِلَيْكُمْ بِالطَّلَاقِ، وَهَذَا تَأْوِيلُ مَنْ قَالَ: إِنَّهَا قَدْ مَلَكَتْ جَمِيعَ الصَّدَاقِ بِالْعَقْدِ.
وَالثَّانِي: مَعْنَاهُ فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ لِلزَّوْجَاتِ لَا يُمَلَّكْنَ أَكْثَرَ مِنْهُ، هَذَا تَأْوِيلُ مَنْ قَالَ إِنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ إِلَّا نِصْفَهُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَخْلُ حَالُ الصَّدَاقِ مِنْ أَنْ يَكُونَ حَالًّا، أَوْ مُؤَجَّلًا، أَوْ مُنَجَّمًا.
فَإِنْ كَانَ حَالًّا سَاقَ إِلَيْهَا نِصْفَهُ، وَقَدْ بَرِئَ مِنْ جَمِيعِهِ.
وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا: فَعَلَيْهِ إِذَا حَلَّ الْأَجَلُ أَنْ يَسُوقَ إِلَيْهَا النِّصْفَ، وَقَدْ بَرِئَ مِنَ الْكُلِّ، وَلَا يَحُلُّ قَبْلَ أَجَلِهِ إِلَّا بِمَوْتِهِ.
وَإِنْ كَانَ مُنَجَّمًا: بَرِئَ مِنْ نِصْفِهِ عَلَى التَّنْجِيمِ، وَكَانَ النِّصْفُ بَاقِيًا لَهَا إِلَى نُجُومِهِ.
فَلَوْ كَانَ إِلَى نَجْمَيْنِ فَحَلَّ أَحَدُهُمَا وَقْتَ الطَّلَاقِ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَتَعَجَّلَ النِّصْفَ فِي الْحَالِ فَيُسْتَضَرَّ، وَلَا أَنْ يُؤَخِّرَ بِهِ إِلَى النِّصْفِ الْمُؤَجَّلِ فَتُسْتَضَرَّ الزَّوْجَةُ، وَيَبْرَأُ الزَّوْجُ مِنْ نِصْفِ الْحَالِّ، وَنِصْفِ الْمُؤَجَّلِ، وَتَأْخُذُ الزَّوْجَةُ نِصْفَ الْحَالِّ وَتَصْبِرُ بِنِصْفِ الْمُؤَجَّلِ حَتَّى يَحُلَّ.
فَصْلٌ
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ عَيْنًا مَعْلُومَةً كَالْإِمَاءِ، وَالْعَبِيدِ، وَالْمَوَاشِي، وَالشَّجَرِ، فَلَا يَخْلُو حَالُهُ وَقْتَ الطَّلَاقِ مِنْ أَحَدِ خَمْسَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ بَاقِيًا بِحَالِهِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ قَدْ تَلِفَ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ قَدْ زَادَ.
وَالرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ قَدْ نَقَصَ.
وَالْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ قَدْ زَادَ من وجه ونقص من وجه.
الْقِسْمِ الْأَوَّلِ
فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بَاقِيًا بِحَالِهِ لَمْ يَزِدْ وَلَمْ يَنْقُصْ، فَلَا يَخْلُو حَالُ الطَّلَاقِ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ.
فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدخول فقد استقر لها جميعه، وعليه تسلميه إِلَيْهَا كَامِلًا.
وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ مَلَكَ الزَّوْجُ نِصْفَهُ.
وَبِمَاذَا يَصِيرُ مَالِكًا؟ فِيهِ قَوْلَانِ: