للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَسْتَحِقُّهُ بَعْدَ عَفْوِ الْأَقْرَبِ إِذَا قيل: إنه يختص بِالْعَصَبَاتِ لِنَفْيِ الْعَارِ عَنْهُمْ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يُرِيدَ أُمَّهُ الَّتِي وَلَدَتْهُ فَيَكُونُ قَاذِفًا لَهَا، فَإِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً كَانَ الْحَدُّ مُسْتَحِقًّا لَهَا، فَإِنْ عَفَتْ عَنْهُ فَلَا حَقَّ لِوَلَدِهَا وَجْهًا وَاحِدًا بِخِلَافِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ عَفْوِ الْأَقْرَبِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ:

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ الْأُمَّ فِي اسْتِحْقَاقِهِ أَصْلٌ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَنْتَقِلَ إِلَى وَارِثِهَا مَعَ سُقُوطِهِ بِعَفْوِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْأَقْرَبُ، لِأَنَّهُ فَرْعٌ يَجْرِي عَفْوُهُ مَجْرَى عَدَمِهِ فَجَازَ أَنْ يَنْتَقِلَ إِلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ أَبْعَدَ مِنْهُ، فَأَمَّا إِنْ كَانَتِ الْأُمُّ مَيِّتَةً فَهُوَ يَسْتَحِقُّ الْحَدَّ مِيرَاثًا عَنْهَا، فَإِنْ عَفَا عَنْهُ وَكَانَ لَهَا وَارِثٌ غَيْرَهُ فِي دَرَجَتِهِ فَلَهُ اسْتِيفَاءُ الْحَدِّ وَلَا يَسْقُطُ بِالْعَفْوِ وَإِنْ كَانَ لَهَا مَنْ لَا يَرِثُ مَعَ الِابْنِ كَالْإِخْوَةِ فَفِي اسْتِحْقَاقِهِمْ لِلْحَدِّ بَعْدَ عَفْوِ الِابْنِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الْوَجْهَيْنِ.

(مَسْأَلَةٌ)

قَالَ الشافعي: " ولو قذف امرأة وطئت وطأ حراماً درىء عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِّ وَعُزِّرَ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قد ذكرنا أن العفة شرط في الإحصان للقذف، فَإِنْ وُطِئَتْ وَطْئًا حَرَامًا انْقَسَمَ أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: مَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَيُسْقِطُ الْعِفَّةَ وَهُوَ الزِّنَا، سَوَاءٌ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إِقْرَارٍ، فَلَا حد على قاذفها، سواء حد في الزنا أو لم يحد.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: مَا لَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَلَكِنْ يُسْقِطُ الْعِفَّةَ وَهُوَ وَطْءُ الْأَبِ جَارِيَةَ ابْنِهِ أو وطء أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ لِلْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ فَلَا حَدَّ فِيهِ، لَكِنْ يُسْقِطُ الْعِفَّةَ فِي الْوَاطِئِ وَالْمَوْطُوءَةِ إِلَّا أن تكون مستكرهة فَأَيُّهُمَا قُذِفَ فَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا لَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَفِي سُقُوطِ الْعِفَّةِ وَجْهَانِ وَهُوَ الْوَطْءُ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ، أَوْ بِغَيْرِ شُهُودٍ، أَوْ فِي نِكَاحِ مُتْعَةٍ أَوْ شِغَارٍ، فَإِنْ قَذَفَ أَحَدُهُمَا فَفِي وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَى الْقَاذِفِ وَجْهَانِ.

وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: مَا لَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَلَا يُسْقِطُ الْعِفَّةَ وَهُوَ وَطْءُ الزَّوْجَةِ أَوِ الْأَمَةِ فِي حَيْضٍ أَوْ في إحرام أو في صِيَامٍ فَتَكُونُ الْعِفَّةُ بَاقِيَةً، لِأَنَّهُ صَادَفَ مَحَلَّ الأنكحة، وَالتَّحْرِيمُ عَارِضٌ، فَأَيُّهُمَا قَذَفَ وَجَبَ الْحَدُّ عَلَى قَاذِفِهِ وَقَدِ اسْتَوْفَيْنَا هَذَا فِي كِتَابِ " اللِّعَانِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>