كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُرْتَهِنِ. كَذَلِكَ إِذَا ادَّعَى الرَّاهِنُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ صَارَ خَمْرًا بَعْدَ القبض وأنكره المرتهن وكان الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُرْتَهِنِ وَكَانَ هَذَا مُخَالِفًا لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْعَيْبِ لِأَنَّهُمَا فِي الْعَيْبِ قَدِ اتَّفَقَا عَلَى صِحَّةِ الْقَبْضِ.
(فَصْلٌ)
فَإِذَا ثَبَتَ تَوْجِيهُ الْقَوْلَيْنِ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي مَوْضِعِ الْقَوْلَيْنِ مِنَ اخْتِلَافِهِمَا: فَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ: الْقَوْلَانِ فِي اخْتِلَافِهِمَا فِي كَوْنِهِ عَصِيرًا وَقْتَ الْعَقْدِ وَبَعْدَهُ. فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَدَّعِيَ الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ كَانَ خَمْرًا وَقْتَ الْعَقْدِ وَبَيْنَ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ صَارَ خَمْرًا بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ فِي أَنَّهُمَا جَمِيعًا عَلَى قَوْلَيْنِ.
وَقَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْقَوْلَانِ فِي اخْتِلَافِهِمَا بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ. فَأَمَّا إِذَا اخْتَلَفَا فِي كَوْنِهِ عَصِيرًا وَقْتَ الْعَقْدِ، فَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: رَهَنْتَنِيهِ وَكَانَ خَمْرًا وَقْتَ الْعَقْدِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ أَصْلَ الْعَقْدِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِنَا الْبَصْرِيِّينَ.
(فَصْلٌ)
فَإِذَا قُلْنَا إِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الرَّاهِنِ مَعَ يَمِينِهِ، فَإِنْ حَلَفَ ثَبَتَ مَا ادَّعَاهُ وَلَا خِيَارَ لِلْمُرْتَهِنِ فِي الْبَيْعِ وَإِنْ نَكَلَ رُدَّتِ الْيَمِينُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ حَلَفَ بَعْدَ نُكُولِ الرَّاهِنِ ثَبَتَ لَهُ مَا ادَّعَى فَإِنْ كَانَ قَدِ ادَّعَى أَنَّهُ صَارَ خَمْرًا بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ وَأَنَّهُ قَدْ كَانَ عَصِيرًا وَقْتَ الْعَقْدِ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَهُوَ بِالْخِيَارِ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ.
وَإِنْ كَانَ قَدِ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ خَمْرًا وَقْتَ الْعَقْدِ فَفِي الْبَيْعِ إِذَا حَلَفَ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: بَاطِلٌ.
وَالثَّانِي: جَائِزٌ وَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ فَسْخِ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ فَإِنْ نَكَلَ الْمُرْتَهِنُ أَيْضًا بَعْدَ نُكُولِ الرَّاهِنِ فَلَا خِيَارَ لَهُ فِي الْبَيْعِ.
(فَصْلٌ)
وَإِذَا قُلْنَا إِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ حَلَفَ ثَبَتَ لَهُ مَا ادَّعَى فَإِنْ كَانَ قَدِ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ عَصِيرًا وَقْتَ الْعَقْدِ وَإِنَّمَا صَارَ خَمْرًا بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ كَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا وَلَهُ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ. وَإِنْ كَانَ قَدِ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ خَمْرًا وَقْتَ الْعَقْدِ فَفِي الْبَيْعِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: بَاطِلٌ.
وَالثَّانِي: جَائِزٌ. وَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ فَسْخِهِ وَإِمْضَائِهِ.
وَإِنْ نَكَلَ الْمُرْتَهِنُ رُدَّتِ الْيَمِينُ عَلَى الرَّاهِنِ. فَإِنْ حَلَفَ الرَّاهِنُ بَعْدَ نُكُولِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا خِيَارَ لِلْمُرْتَهِنِ. وَإِنْ نَكَلَ الرَّاهِنُ أَيْضًا، فَهَلْ يُحْكَمُ بِقَوْلِ الْمُرْتَهِنِ أَمْ لَا عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يُحْكَمُ لِلْمُرْتَهِنِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ قَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ بِنُكُولِهِ وَقَوْلُ الْمُرْتَهِنِ يستند