وَرُوِيَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ صَنَمٍ قَبْلَ أَنْ يَبْعَثْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِشَهْرٍ فَنَحَرْنَا جَزُورًا فَسَمِعْنَا صَائِحًا يَصِيحُ: اسْمَعُوا إِلَى الْعَجَبِ ذَهَبَ اسْتِرَاقُ الْوَحْيِ لِنَبِيٍّ بِمَكَّةَ اسْمُهُ " أَحْمَدُ " مُهَاجِرٌ إِلَى يَثْرِبَ.
وَمِثْلُ ذَلِكَ كَثِيرٌ يَطُولُ بِهِ الْكِتَابُ فَجَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْمُقَدِّمَاتِ الْخَارِجَةَ عَنِ الْعَادَاتِ تَوْطِئَةً لِلنُّبُوَّةِ، وَقَبُولِ رِسَالَتِهِ
(فَصْلٌ)
: وَلَمَّا دَنَا مَبْعَثُ رَسُولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَحُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلْوَةُ فِي غَارِ حِرَاءٍ فَكَانَ يُؤْتَى بِطَعَامِهِ وَشَرَابِهِ فَيَأْكُلُ مِنْهُ، وَيُطْعِمُ الْمَسَاكِينَ، حَتَّى ظَهَرَتْ عَلَامَاتُ نُبُوَّتِهِ وَاخْتُلِفَ فِيهَا، فَحُكِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَدَاوُدَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَرَنَ إِسْرَافِيلَ بِنُبُوَّةِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثَلَاثَةَ سِنِينَ يَسْمَعُ حِسَّهُ وَلَا يَرَى شَخْصَهُ، وَيُعَلِّمُهُ الشَّيْءَ بَعْدَ الشَّيْءِ، وَلَا يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ فَلَمَّا مَضَتْ ثَلَاثَةُ سِنِينَ، قَرَنَ لِنُبُوَّتِهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَنَزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ
وَرَوَى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ أَوَّلِ نُبُوَّتِهِ فَقَالَ " يَا أَبَا ذَرٍّ أَتَانِي مَلَكَانِ وَأَنَا بِبَطْحَاءِ مَكَّةَ فَوَقَعَ أَحَدُهُمَا فِي الْأَرْضِ وَالْآخَرُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لَصَاحِبِهِ أَهْوَ هُوَ؟ قَالَ هُوَ هُوَ، قَالَ: فَزِنْهُ بِرَجُلٍ مِنْ أُمَّتِهِ فَوُزِنْتُ بِرَجُلٍ فَرَجَحْتُهُ، ثُمَّ قَالَ: زِنْهُ بِعَشَرَةٍ فَوُزِنْتُ بِعَشَرَةٍ فَوَزَنْتُهُمْ، ثُمَّ قَالَ: زِنْهُ بِمِائَةٍ، فَوَزَنَنِي بِمِائَةِ فَرَجَحْتُهُمْ، ثُمَّ قَالَ: زِنْهُ بِأَلْفٍ فَوَزَنَنِي فَرُجَحَتْهُمْ، فَجَعَلُوا يَنْتَشِرُونَ عَلَيَّ مِنْ كِفَّةِ الْمِيزَانِ قَالَ: فَقَالَ: أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: لَوْ وَزَنْتَهُ بِأُمَّتِهِ لَرَجَحَهَا، ثُمَّ قَالَ: أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ شُقَّ بَطْنَهُ، فَشَقَّ بَطْنِي، ثُمَّ قَالَ: شُقَّ قَلْبَهُ فَشَقَّ قَلْبِي، فَأَخْرَجَ مِنْهُ مَغْمَزَ الشَّيْطَانِ، وَعَلَقَ الدَّمِ، ثُمَّ قَالَ: اغْسِلْ بَطْنَهُ غَسْلَ الْإِنَاءِ، وَاغْسِلْ قَلْبَهُ غسل الملاءة ثم دعى بِالسَّكِينَةِ كَأَنَّهَا وَجْهُ هِرَّةٍ فَأُدْخِلَتْ قَلْبِي ثُمَّ قَالَ: خِط بَطْنَهُ، فَخَاطَا بَطْنِي وَجَعْلَا الْخَاتَمَ بَيْنَ كَتِفَيَّ فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ وَلَيَّا عَنِّي، فَكَأَنَّمَا أُعَايِنُ الْأَمْرَ مُعَايَنَةً " فَكَانَ هَذَا مُقَدِّمَةَ نُبُوَّتِهِ وَهَذَا قَوْلٌ ثَانٍ
وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: " أَوَّلُ مَا ابْتُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ تَجِيءُ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ " حَتَّى نَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute