للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب المتعة من كتاب الطلاق قديمٍ وجديدٍ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " جَعَلَ اللَّهُ الْمُتْعَةَ لِلْمُطَلَّقَاتِ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لِكُلِّ مطلقةٍ متعةٌ إِلَّا الَتِي فُرِضَ لَهَا وَلَمْ يُدْخَلْ بِهَا فحسبها نصف المهر ".

قال الماوردي: أما النفقة فَمَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الْمَالِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْفُرْقَةِ فِي النِّكَاحِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْمَتَاعِ، وَهُوَ كُلُّ مَا اسْتُمْتِعَ بِهِ مِنَ الْمَنَافِعِ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

(وَكُلُّ عمارةٍ مِنْ حبيبٍ ... لَهَا بِكَ لَوْ لَهَوْتَ بِهِ مَتَاعُ)

وَالْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يشتمل على الطلاق الذي يستحق به المتعة، والطلاق ينقسم ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ.

قِسْمٌ يُوجِبُ الْمُتْعَةَ.

وَقِسْمٌ لَا يوجبها.

وقسم مختلف فيه.

القسم الذي يوجب المتعة

فَأَمَّا الْقِسْمُ الَّذِي يُوجِبُ الْمُتْعَةَ فَهُوَ طَلَاقُ الْمُفَوَّضَةِ الَّتِي لَمْ يُسَمَّ لَهَا صَدَاقٌ وَلَا فُرِضَ لَهَا بَعْدَ الْعَقْدِ صَدَاقٌ إِذَا طُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا يُنَصَّفُ لَهَا صَدَاقٌ، وَلَيْسَ لَهَا إِلَّا مُتْعَةٌ عَلَى مَا قَدَّمْنَا بَيَانَهَا لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً) {البقرة: ٢٣٦) فَجَعَلَ لَهَا الْمُتْعَةَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مَهْرٌ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَهَذِهِ الْمُتْعَةُ وَاجِبَةٌ، وَاسْتَحَبَّهَا مَالِكٌ وَلَمْ يُوجِبْهَا لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {حَقًّا عَلَى المُحْسِنِينَ) {البقرة: ٢٣٦) وَقَدْ مَضَى عَلَيْهِ مِنَ الْكَلَامِ مَا أَقْنَعَ مَعَ ظَاهِرِ مَا تَضَمَّنَتْهُ الْآيَةُ مِنَ الْأَمْرِ، وَلِأَنَّهُ قَدْ مَلَكَ بُضْعَهَا، وَهِيَ لَا تَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنَ الْمَهْرِ إِذَا لَمْ يُسَمَّ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَلَوْ لَمْ يَجِبْ لَهَا الْمُتْعَةُ لَخَلَا بُضْعُهَا مِنْ بَدَلٍ فَصَارَتْ كَالْمَوْهُوبَةِ الَّتِي خُصَّ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أُمَّتِهِ؛ وَلِأَنَّهَا قَدِ ابْتُذِلَتْ بِالْعَقْدِ الَّذِي لَمْ تَمْلِكْ لَهُ بَدَلًا، فَاقْتَضَى أن تكون المتعة فيه بدلاً؛ لأن لا تصير مبتذلة بغير بدل.

<<  <  ج: ص:  >  >>