فَأَسْلَمَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، فَكَانَ يَقُولُ: مَضَتِ اثْنَتَانِ وَبَقِيَتِ الثَّالِثَةُ، وَاللَّهِ لَتَكُونَنَّ قَدْ رَأَيْتُ الْقُصُورَ الْبِيضَ مِنْ أَرْضِ بَابِلَ قَدْ فُتِحَتْ، وَرَأَيْتُ الْمَرْأَةَ تَخْرُجُ مِنَ الْقَادِسِيَّةِ عَلَى بَعِيرِهَا لَا تَخَافُ شَيْئًا حَتَّى تَحُجَّ هَذَا الْبَيْتَ، وايم الله لتكونن الثالثة ليفيض المال حتى لا يوجد من يأخذه
[فصل: [غزوة تبوك]]
ثُمَّ غَزْوَةُ تَبُوكَ إِلَى الرُّومِ فِي رَجَبٍ
وَسَبَبُهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَلَغَهُ أَنَّ الرُّومَ قَدِ اجْتَمَعَتْ مَعَ هِرَقْلَ، وَانْضَمَّ إِلَيْهَا مِنَ الْعَرَبِ لَخْمٌ وَجُذَامٌ وَعَامِلَةُ وَغَسَّانُ، وَعَزَمُوا عَلَى الْمَسِيرَةِ، وَقَدَّمُوا مُقَدَّمَاتِهِمْ إِلَى الْبَلْقَاءِ، فَنَدَبَ النَّاسَ إِلَى الْخُرُوجِ وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ يَتَوَجَّهُ لِحَرْبِ الرُّومِ، وَكَانَ عَادَتُهُ أَنْ يُوَرِّيَ إِذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ إِلَى وَجْهٍ إِلَّا فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ، فَإِنَّهُ صَرَّحَ بِحَالِهِ لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ وَالْحَاجَةِ إِلَى كَثْرَةِ الْعَدَدِ، وَبَعَثَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ وَإِلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ يَسْتَنْفِرُهُمْ، وَحَثَّ عَلَى الصَّدَقَاتِ فَحُمِلَتْ إِلَيْهِ، وَأَنْفَقَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فِيهَا مَالًا عَظِيمًا وَكَانَ النَّاسُ فِي عِزَّةٍ مِنَ الْمَالِ وَشِدَّةٍ مِنَ الْحَرِّ وَجَدْبٍ مِنَ الْبِلَادِ، وَكَانَ وَقْتُ الثِّمَارِ وَالْمَيْلُ إِلَى الظِّلَالِ، فَشَقَّ عَلَى النَّاسِ الْخُرُوجُ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْجِهَةِ، فَعَصَمَ اللَّهُ أَهْلَ طَاعَتِهِ حَتَّى أَجَابُوا
وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ وَكَانَ يُحِبُّ الْخُرُوجَ فِيهِ فَعَسْكَرَ بِثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ، وَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ فِي الْمُنَافِقِينَ، وَفِي أَحْلَافِهِ مِنَ الْيَهُودِ فَعَسْكَرُوا بِنُفَيْلٍ بِثَنِّيَةِ الْوَدَاعِ، وَلَمْ يَكُنْ عَسْكَرُهُ بِأَقَلِّ الْعَسْكَرَيْنِ، وَتَأَخَّرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَصْنَافٌ: مِنْهُمُ الْمُنَافِقُونَ، وَكَانُوا بِضْعًا وَثَمَانِينَ رَجُلًا، وَكَانُوا يُثَبِّطُونَ النَّاسَ وَقَالُوا: {لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا} [التوبة: ٨١] واستأذنوا في العقود؟ ، فَأَذِنَ لَهُمْ؛ مِنْهُمُ الْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَعَلَّكَ تَحْتَقِبُ بَعْضَ بَنَاتِ الْأَصْفَرِ " فَقَالَ: لَا تَفْتِنِّي بِهِنَّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الفتنة سقطوا} [التوبة: ٢٩]
وصنف منهم المعذورون وَكَانُوا اثْنَيْنِ وَثَمَانِينَ رَجُلًا، ذَكَرُوا أَعْذَارًا وَاسْتَأْذَنُوا فِي الْقُعُودِ، فَأَذِنَ لَهُمْ، وَلَمْ يَعْذُرْهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute