للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَارِيَةٌ كَانَتْ تَحْتَطِبُ فَاتَّبَعَهَا رَجُلٌ فَرَاوَدَهَا عَنْ نَفْسِهَا فَرَمَتْهُ بِفِهْرٍ أَوْ صخر فَقَتَلَتْهُ فَقَالَ عُمَرُ هَذَا قَتِيلُ اللَّهِ وَاللَّهِ لا يودي أبداً) .

قال الماوردي: وهذا صَحِيحٌ إِذَا عَضَّ قَفَاهُ فَلَهُ أَنْ يَتَوَصَّلَ إِلَى خَلَاصِهِ مِنْهُ بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ، كَمَا وصفه الشافعي في الترتيب أن يبدأ ببدنه فِي فَكِّ لَحْيَيْهِ، فَإِنْ تَخَلَّص بِذَلِكَ لَمْ يَتَجَاوَزْهُ إِلَى غَيْرِهِ، فَإِنْ تَجَاوَزَهُ ضَمِنَ، فَإِنْ لَمْ يَتَخَلَّصْ مِنْهُ بِيَدِهِ فَلَهُ التَّحَامُلُ عَلَيْهِ بِرَأْسِهِ مِنْ وَرَائِهِ، فَإِنْ تَخَلَّصَ مِنْهُ لَمْ يتجاوزه، فإن تجاوز ضمن، فإن لم يتخلص منه نتر قفاه ولم يضمن أسنانه إن ذهبت، فإن تجاوزه ضمن، وإن لَمْ يَتَخَلَّصْ مِنْهُ فَلَهُ أَنْ يَعْدِلَ إِلَى أَقْرَبِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ بَعْجِ بَطْنِهِ أَوْ فَقْءِ عَيْنِهِ، وَلَا يَضْمَنُ أَقْرَبَهُمَا وَيَضْمَنُ أَبْعَدَهُمَا: إِلَّا أَنْ لَا يَتَخَلَّصَ مِنْهُ إِلَّا بِأَبْعَدِهِمَا وَأَغْلَظِهِمَا فَلَا يَضْمَنُ، فَإِنْ لَمْ يَتَخَلَّصْ مِنْهُ إِلَّا بِقَتْلِهِ لَمْ يَضْمَنْ قَتْلَهُ، وَالَّذِي نَقَلَهُ الْمُزَنِيُّ ها هنا أنه إن بعج بطنه أو فقء عَيْنَهُ ضَمِنَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا وَصَفْنَا مِنَ الترتيب في القدرة على خلاصة بغير فقء ولا بعج، فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْخَلَاصِ إِلَّا بِالْبَعْجِ وَالْفَقْءِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَهَذَا أَصْلٌ مستمر فلو قتله واختلف ولي القاتل والمقتول فَقَالَ الْقَاتِلُ: قَتَلْتُهُ دَفْعًا عَنِّي لِأَنِّي لَمْ أَقْدِرْ عَلَى الْخَلَاصِ مِنْهُ إِلَّا بِالْقَتْلِ، وَقَالَ وَلِيُّهُ: بَلْ كُنْتَ قَادِرًا عَلَى الْخَلَاصِ مِنْهُ بِغَيْرِ الْقَتْلِ فَتَعَدَّيْتَ بِقَتْلِهِ، فَإِنْ كَانَ لِلْقَاتِلِ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِمَا ادَّعَاهُ سُمِعَتْ وَلَمْ يَضْمَنِ النَّفْسَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الولي والقاتل ضامن للنفس وكذلك الرَّجُلُ إِذَا رَاوَدَ جَارِيَةً عَلَى نَفْسِهَا أَوْ راود غلاما على نفسه فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى دَفْعِهِ إِلَّا بِقَتْلِهِ لَمْ يَضْمَنَاهُ لِحَدِيثِ عُمَرَ، وَلَوْ قَدَرَا عَلَى دَفْعِهِ بِغَيْرِ قَتْلٍ ضَمِنَاهُ عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي بَيَّنَّاهُ.

[(مسألة)]

قال الشافعي: " وَلَوْ قَتَلَ رَجُلٌ رَجُلًا فَقَالَ وَجَدْتُهُ عَلَى امرأتي فقد أقر بالقود وادعى فَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً قُتِلَ قَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ وَجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا أُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ فقال عليه الصلاة والسلام " نعم) وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه إِنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَلْيُعْطَ بِرُمَّتِهِ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا إِذَا وَجَدَ الرَّجُلُ مَعَ امرأته رجلاً يزني بها أو مع بنته أَوْ أُخْتِهِ أَوْ مَعَ ابْنِهِ يَلُوطُ بِهِ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَهُ عَنْهُ وَيَمْنَعَهُ مِنْهُ.

وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ لَعَنَ الرَّكَانَةَ وَهُوَ الَّذِي لَا يَغَارُ عَلَى أَهْلِهِ.

وَرُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَغَارُ لِلْمُسْلِمِ فليغر) .

<<  <  ج: ص:  >  >>