وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يُخْرِجُهَا مِنَ الرِّبْحِ دُونَ الأصل لأنها مؤونة فَأَشْبَهَتْ سَائِرَ الْمُؤَنِ فَعَلَى هَذَا لَا يَنْفَسِخُ بِإِخْرَاجِهَا شَيْءٌ مِنَ الْقِرَاضِ لِبَقَاءِ الْأَصْلِ.
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ يُخْرِجُ مِنَ الْأَصْلِ زَكَاتَهُ وَمِنَ الرِّبْحِ زَكَاتَهُ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ فِيهِمَا فَلَمْ يَخْتَصَّ إِخْرَاجُهَا بِأَحَدِهِمَا.
فَعَلَى هَذَا يَبْطُلُ مِنَ الْقِرَاضِ بِقَدْرِ مَا أَخْرَجَ مِنْ زَكَاةِ الْأَصْلِ دُونَ الرِّبْحِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْعَامِلَ شَرِيكٌ يَضْرِبُ فِي الرِّبْحِ بِسَهْمِ الْمِلْكِ.
فَعَلَى هَذَا يَجِبُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ الْأَصْلِ وَحِصَّتَهُ مِنَ الرِّبْحِ وَذَلِكَ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ وَفِي مَحَلِّ إِخْرَاجِهَا الْوُجُوهُ الثَّلَاثَةُ.
وَيَجِبُ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ حِصَّتِهِ مِنَ الرِّبْحِ وَذَلِكَ خَمْسُمِائَةٍ. وَفِي ابْتِدَاءِ حَوْلِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: مِنْ حِينِ ظُهُورِ الرِّبْحِ لِحُدُوثِهِ عَنْ مِلْكِهِمَا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ مِنْ حِينِ الْمُحَاسَبَةِ وَالْفَضْلِ لِأَنَّهُ مِنْ حِينَئِذٍ يَعْلَمُ حَالَ الرِّبْحِ.
وَهُوَ فِي الْوَجْهَيْنِ مَعًا يُخَالِفُ رَبُّ الْمَالِ الَّذِي يُزَكِّي الرِّبْحَ بِحَوْلِ الْأَصْلِ، لِأَنَّ اجْتِمَاعَ النَّمَاءِ مَعَ أَصْلِهِ يُوجِبُ ضَمَّهُ إِلَيْهِ فِي حَوْلِهِ، وَانْفِرَادَهُ عَنْهُ يُوجِبُ إِفْرَادَهُ بِحَوْلِهِ.
أَلَا تَرَى أَنَّ النحال إِذَا كَانَتْ مَعَ أُمِّهَا زُكِّيَتْ بِحَوْلِ أُمَّهَاتِهَا، وَلَوِ انْفَرَدَتْ زُكِّيَتْ بِحَوْلِهَا.
ثُمَّ هَلْ يَجُوزُ لِلْعَامِلِ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ حِصَّتِهِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ أَمْ لَا؟
عَلَى وَجْهَيْنِ مُخَرَّجَيْنِ مِنِ اخْتِلَافِ قَوْلَيْنِ فِي الزَّكَاةِ هَلْ وَجَبَتْ فِي الذِّمَّةِ أَوْ فِي الْعَيْنِ؟
أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ كَمَا يَجُوزُ لِرَبِّ الْمَالِ إِخْرَاجُهَا مِنَ الْمَالِ.
وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ، وَإِنْ جَازَ ذَلِكَ لِرَبِّ الْمَالِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ إِخْرَاجَ رَبِّ الْمَالِ لَهَا مِنَ الْمَالِ يَكُونُ مِنْ أَصْلٍ فَجَازَ، وَإِخْرَاجَ الْعَامِلِ لَهَا مِنَ الْمَالِ يَكُونُ مِنْ رِبْحٍ فَلَمْ يَجُزْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
: فَأَمَّا ثِمَارُ الْمُسَاقَاةِ إِذَا وَجَبَ الْعُشْرُ فِيهَا فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ:
فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ عَلَى قَوْلَيْنِ كَزَكَاةِ الْمَالِ: أَحَدُهُمَا يَكُونُ فِي حِصَّةِ رَبِّ الْمَالِ، وَالثَّانِي فِي حِصَّتَيْهِمَا مَعًا، وَيَسْتَوِيَانِ فِي الْأَدَاءِ بِهَا لِأَنَّ الْعُشْرَ يَجِبُ فِي حَقَّيْهِمَا بِبُدُوِّ الصَّلَاحِ عَلَى سَوَاءٍ.
وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ: إِنَّ الْعُشْرَ فِيهَا مَأْخُوذٌ مِنْهَا مَعًا قَوْلًا وَاحِدًا بِخِلَافِ زَكَاةِ الْمَالِ فِي أَحَدِ القولين.