عِتْقُ الْمَرَضِ، فَيَرْجِعُ فِي تَعْيِينِهِ إِلَى بَيَانِ الْوَرَثَةِ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَإِلَى الْقُرْعَةِ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي ثُمَّ يُعْتَبَرَانِ فِي الثُّلُثِ، وَيَكُونَانِ فيه على الأحوال الأربعة.
[مسألة]
قال الشافعي رضي الله عنه: (فَإِنْ وَقَعَتِ الْقُرْعَةُ لِمَيِّتٍ عَلِمْنَا أَنَّهُ كَانَ حُرًّا) . قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَأَصْلُ هَذَا أَنَّ الْعِتْقَ فِي الْمَرَضِ يَقَعُ قَبْلَ الْمَوْتِ، وَالْعِتْقَ فِي الْوَصِيَّةِ يَقَعُ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَمِلْكُ الْوَرَثَةِ يَسْتَقِرُّ بِالْيَدِ وَالْقَبْضِ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَإِذَا أَعْتَقَ ثَلَاثَةَ عَبِيدٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ أَوْ وَصَّى بِعِتْقِهِمْ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ أَنْ يَتَعَيَّنَ فِيهِ عِتْقٌ أَوْ رِقٌّ لَمْ يَخْلُ مَوْتُهُ مِنَ أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَمُوتَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ، فَلَا يَخْلُو الْعِتْقُ مِنْ أَنْ يَكُونَ عِتْقَ وَصِيَّةٍ أَوْ عِتْقَ مَرَضٍ، فَإِنْ كَانَ عِتْقَ وَصِيَّةٍ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ قُرْعَةٌ فِي عِتْقٍ، وَلَا رِقٍّ؛ لِأَنَّ عِتْقَ الْوَصِيَّةِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَقَدْ مَاتَ قَبْلَهُ عَلَى مِلْكِ سَيِّدِهِ، وَيَصِيرُ الْعَبْدَانِ الْبَاقِيَانِ هُمَا التَّرِكَةُ، فَيَجْتَمِعُ فِيهِمَا عِتْقُ الْوَصِيَّةِ، وَحَقُّ الْوَرَثَةِ، فَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا لِعِتْقِ الْوَصِيَّةِ، وَيُعْتَقُ بِهَا ثُلُثَا مَنْ قُرِعَ وَيَرِقُّ لِلْوَرَثَةِ بَاقِيهِ، وَجَمِيعُ الْآخَرِ.
وَإِنْ كَانَ عِتْقَ مَرَضٍ أُدْخِلَ الْمَيِّتُ فِي قُرْعَةِ الْعِتْقِ، وَعِنْدَ مَالِكٍ: لَا يَدْخُلُ فِي قُرْعَةِ الْعِتْقِ، لِأَنَّهُ يَرَى أَنَّ عِتْقَهُ وَاقِعٌ بِالْقُرْعَةِ دُونَ اللَّفْظِ، وَنَحْنُ نَرَى وُقُوعَ عِتْقِهِ بِاللَّفْظِ، وَدُخُولَ الْقُرْعَةِ لِلتَّمْيِيزِ، وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ مَعَهُ.
وَإِذَا أَوْجَبَ دُخُولَهُ فِي الْقُرْعَةِ لَمْ يَخْلُ أَنْ تَقَعَ عَلَيْهِ قُرْعَةُ الْعِتْقِ أَوْ قُرْعَةُ الرِّقِّ.
فَإِنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ قُرْعَةُ الْعِتْقِ بَانَ بِهَا أَنَّهُ مَاتَ حُرًّا اسْتَوْفَى السَّيِّدُ بِعِتْقِهِ مَا اسْتَحَقَّهُ مِنْ ثُلُثِهِ، وَرَقَّ الْآخَرَانِ لِلْوَرَثَةِ، وَلَمْ يُؤَثِّرْ مَوْتُهُ فِي نُقْصَانِ التَّرِكَةِ، وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ قُرْعَةُ الرِّقِّ لَمْ يُحْتَسَبْ بِهِ عَلَى الْوَرَثَةِ لِمَوْتِهِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِمْ، وَصَارَتِ التَّرِكَةُ هِيَ الْعَبْدَانِ الباقيان والعتق واقع فيهما، ويستأنف الإقراع منهما، ويعتق ثلثا من قرع بينهما، وَيَرِقُّ لِلْوَرَثَةِ بَاقِيهِ، وَجَمِيعُ الْآخَرِ.
فَصْلٌ
: وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَمُوتَ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ، وَبَعْدَ قبض الورثة دَخَلَ فِي قُرْعَةِ الْعِتْقِ، وَقُرْعَةِ الرِّقِّ، وَيَسْتَوِي فِيهِ عِتْقُ الْمَرَضِ وَعِتْقُ الْوَصِيَّةِ، لِأَنَّ عِتْقَ الْوَصِيَّةِ مُسْتَحَقٌّ بِالْمَوْتِ، وَإِنَّ تَأَخَّرَ عَنْهُ، وَالْقُرْعَةُ مُمَيِّزَةٌ لِمَنْ كَانَ عِتْقُهُ مُسْتَحَقًّا إِذَا صَارَ الْوَرَثَةُ إِلَى مِثْلَيْهِ، وَيَسْتَوِي فِيهِ عِتْقُ الْمَرَضِ وَعِتْقُ الْوَصِيَّةِ، فَإِنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ قُرْعَةُ الْعِتْقِ بَانَ أَنَّهُ مَاتَ حُرًّا، وَرَقَّ الْآخَرَانِ لِلْوَرَثَةِ، وَإِنْ وَقَعَتْ قُرْعَةُ الْعِتْقِ عَلَى أَحَدِ الْبَاقِيَيْنِ عَتَقَ، وَرَقَّ الْآخَرُ مَعَ الْمَيِّتِ، وَبَانَ أَنَّهُ مَاتَ عَلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ، فَإِنْ كَانَ عِتْقَ مَرَضٍ لَمْ يَحْتَجْ مَنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ قُرْعَةُ الْعِتْقِ إِلَى تَلَفُّظِ الْوَرَثَةِ بِعِتْقِهِ، لِتَقَدُّمِهِ مِنَ الْمُعْتِقِ، وَإِنْ كَانَ عِتْقَ وَصِيَّةٍ، فَفِي احْتِيَاجِ عتقه على تَلَفُّظِ الْوَرَثَةِ بِعِتْقِهِ وَجْهَانِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute