للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيرها ثم مات فهو ابنه وهما حران بموته ولا يَبْطُلُ ذَلِكَ بِحَقِّ الْغُرَمَاءِ الَّذِي قَدْ يَكُونُ مُؤَجَّلًا وَيَجُوزُ إِبْطَالُهُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَلَا يَجُوزُ إِبْطَالُ حريةٍ بَعْدَ ثُبُوتِهَا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي رَجُلٍ يَمْلِكُ أَمَةً ذَاتِ وَلَدٍ فَقَالَ فِي مَرَضِهِ: هَذَا ابْنُ هَذِهِ الْأَمَةِ وَلَدِي مِنْهَا، وَعَلَيْهِ دُيُونٌ تُحِيطُ بِقِيمَتِهَا فَقَدْ صَارَ الْوَلَدُ لَاحِقًا بِهِ إِنْ لَمْ تَكُنِ الْأَمَةُ فِرَاشًا لِغَيْرِهِ، وَهُوَ حُرٌّ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لِأَحَدٍ رِقٌّ عَلَى وَلَدِهِ، ثُمَّ لَا يَخْلُو حَالُهُ فِي الْأُمِّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: -

أَحَدُهَا: أن يقول في إقراره ببينونة أَنِّي اسْتَوْلَدْتُهَا فِي مِلْكِي.

وَالثَّانِي: أَنْ يَقُولَ: اسْتَوْلَدْتُهَا فِي عَقْدِ نِكَاحٍ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَقُولَ استولدتها بِوَطْءِ شُبْهَةٍ.

وَالرَّابِعُ: أَنْ يُطْلِقَ.

فَإِنْ قَالَ اسْتَوْلَدْتُهَا فِي مِلْكِي صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ بِإِقْرَارِهِ تُعْتَقُ عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ وَالْوَلَدُ خُلِقَ حُرًّا لَمْ يَجْرِ عَلَيْهِ رِقٌّ وَسَوَاءٌ خَرَجَا مِنَ الثلث أو لَا صَدَّقَ الْغُرَمَاءُ أَمْ كَذَّبُوا وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَ لَهُ قَوْلٌ يَقَعُ بِهِ الْعِتْقُ فِي الْمَرَضِ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ أَوْكَدُ مِنْ إِيقَاعِ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِعِتْقِ عَبْدٍ فِي صِحَّتِهِ نَفَذَ إِقْرَارُهُ وَنَجُزَ عِتْقُهُ وَلَوِ ابْتَدَأَ عِتْقَهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ وَالدُّيُونُ مُحِيطَةٌ بِقِيمَتِهِ بَطَلَ عِتْقُهُ وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ اسْتَوْلَدَهَا فِي مَرَضِهِ كَانَ وَلَدُهُ حُرًّا وَصَارَتْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ فَلَأَنْ تَصِيرَ كَذَلِكَ بِإِقْرَارِهِ عَنْ فِعْلِ الصِّحَّةِ أَوْلَى.

وَالثَّانِي: وَهُوَ تَعْلِيلُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَمَّا تَعَارَضَ فِيهَا حُكْمَانِ أَحَدُهُمَا مُوجِبٌ لِعِتْقِهَا وَهُوَ الْإِقْرَارُ، وَالثَّانِي مُوجِبٌ لِرِقِّهَا وَهُوَ الدُّيُونُ وَجَبَ إِثْبَاتُ أَوْكَدِهِمَا وَالْعِتْقُ أَوْكَدُ مِنْ دُيُونِ الْغُرَمَاءِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِبْطَالُ عِتْقٍ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَيَجُوزُ إِسْقَاطُ الدُّيُونِ بِالْإِبْرَاءِ مِنْهَا بَعْدَ ثُبُوتِهَا، فَلِهَذَيْنِ صَارَا بِمَوْتِهِ حُرَّيْنِ، فَإِنْ قِيلَ فَلِمَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَهُمَا حُرَّانِ بِمَوْتِهِ وَالْوَلَدُ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِهِ لِأَنَّهُ خُلِقَ حُرًّا لَمْ يَجْرِ رِقٌّ؟ قِيلَ مَعْنَاهُ: أَنَّ الْحُرِّيَّةَ اجْتَمَعَتْ فِيهِمَا بِمَوْتِهِ وَقَبْلَ الْمَوْتِ مَا اجْتَمَعَتْ فِيهِمَا وَإِنَّمَا كَانَتْ فِي أَحَدِهِمَا.

فَصْلٌ

: وَإِنْ قَالَ اسْتَوْلَدْتُهَا فِي عَقْدِ نِكَاحٍ فَالْوَلَدُ قَدْ عُتِقَ عَلَيْهِ وَصَارَ حُرًّا بِالْمِلْكِ بَعْدَ أَنْ خُلِقَ مَمْلُوكًا لِأَنَّ وَلَدَ الْأَمَةِ مِنْ عَقْدِ نِكَاحٍ مَمْلُوكٌ وَلَهُ الْوَلَاءُ عَلَى وَلَدِهِ لِأَنَّهُ عُتِقَ عَلَى مِلْكِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ رِقِّهِ وَفِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ لَا يَكُونُ لَهُ عَلَى وَلَدِهِ وَلَاءٌ لِأَنَّهُ خُلِقَ حُرًّا لَمْ يَجْرِ عَلَيْهِ رِقٌّ، فَأَمَّا الْأُمُّ فَلَا تَصِيرُ لَهُ فِي هَذَا الْقِسْمِ أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّهَا لَمْ تُعَلَّقْ بِحُرٍّ وَإِنَّمَا عُلِّقَتْ بِمَمْلُوكٍ، وَحُرِّيَّةُ أم الولد إنما ثبتت بِحُرِّيَّةِ وَلَدِهَا، وَتَكُونُ عَلَى الرِّقِّ بَعْدَ مَوْتِهِ وتباع في ديون غرماءه.

<<  <  ج: ص:  >  >>