للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ الْإِثْمُ، قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ الْكَذِبُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَزُعَمَاءُ الْإِفْكِ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَمِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بن أبي ابن سَلُولَ، وَزَيْدُ بْنُ رِفَاعَةَ، وَحَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ، {لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [النور: ١١] أَيْ لَا تَحْسَبُوا مَا ذُكِرَ مِنَ الْإِفْكِ شَرًّا لَكُمْ أَيْ أَذًى بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ بَرَّأَ مِنْهُ وَأَثَابَ عَلَيْهِ وَفِي الْمَقْصُودِ بِهَذَا الْقَوْلِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: عَائِشَةُ وَصَفْوَانُ؛ لِأَنَّهُمَا قُصِدَا بِالْإِفْكِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأبو بكر رحمه الله تعالى {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ} [النور: ١١] أَيْ لَهُ عِقَابُ مَا اكْتَسَبَ بِقَدْرِ إِثْمِهِ {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ} [النور: ١١] فِيهِ قراءتان " كبره) بكسر الكاف ومعناه إثمه، وقرئ بضم الكاف ومعناه بعظمه، وَمُتَوَلِّي كِبْرِهِ مِنْهُمْ: حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَمِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ وَحَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ، {لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: ١١] فِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ حَدُّ الْقَذْفِ الَّذِي أَقَامَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَيْهِمْ قَالَهُ عُرْوَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ عائشة رضي الله عنها حتى قال فيه بَعْضُ شُعَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ:

(لَقَدْ ذَاقَ حَسَّانُ الَذِي كان أهله ... وحمنة إذ قالا فجوراً وَمِسْطَحُ)

(تَعَاطَوْا بِرَجْمِ الْغَيْبِ زَوْجَ نَبِيِّهِمْ ... وَسُخْطَةَ ذي العرش العظيم فَأَبْرَحُوا)

(فَصُبَّتْ عَلَيْهِمْ مُحْصَدَاتٌ كَأَنَّهَا ... شَآبِيبُ قَطْرٍ مِنْ ذُرَى الْمُزْنِ تُسْفَحُ)

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمْ يجلدهم؛ لأن الحدود إنما تقام بإقرار أو ببينة، وَلَا تُقَامُ بِإِخْبَارِ اللَّهِ تَعَالَى عَنْهَا كَمَا لَمْ يَتَعَبَّدْنَا بِقَتْلِ الْمُنَافِقِينَ بِمَا أَخْبَرَ بِهِ مِنْ كُفْرِهِمْ، وَالْعَذَابُ الْعَظِيمُ هُوَ أَنَّ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ، وَمِسْطَحَ بْنَ أَثَاثَةَ عَمِيَا، وَحَمْنَةَ بِنْتَ جَحْشٍ اسْتُحِيضَتْ، وَاتَّصَلَ دَمُهَا عُقُوبَةً لِمَا كَانَ مِنْهَا.

(فَصْلٌ)

ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى غَلَّظَ تَحْرِيمَ الْقَذْفِ بِالزِّنَا بِوُجُوبِ الْحَدِّ عَلَى الْقَاذِفِ فَقَالَ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: ٤] يَعْنِي بالزنا {ثم لو يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ

<<  <  ج: ص:  >  >>