للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَيْسَ فِيمَا قَبْلَ الْمُوضِحَةِ قِصَاصٌ وَلَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ، وَفِيهَا حُكُومَةٌ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ فِيمَا بَعْدُ، وَلَيْسَ فِيمَا بَعْدَ الْمُوضِحَةِ قِصَاصٌ، وَفِيهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ إِلَّا الْمُفَرِّشَةُ عَلَى قَوْلِ مَنْ زَادَهَا فَفِي الزِّيَادَةِ عَلَى الْمُوضِحَةِ مِنْهَا حُكُومَةٌ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ.

فَأَمَّا الْمُوضِحَةُ فَيَجْتَمِعُ فِيهَا الْقِصَاصُ إِنْ شَاءَ وَالْأَرْشُ الْمُقَدَّرُ إِنَّ عُدِلَ إِلَيْهِ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ، فَصَارَتِ الشِّجَاجُ مُنْقَسِمَةً عَلَى هَذِهِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ:

قِسْمٌ لَا قِصَاصَ فِيهِ وَلَا يَتَقَدَّرُ أَرْشُهُ، وَهُوَ مَا قَبْلَ الْمُوضِحَةِ، وَيَجِبُ فِيهِ حُكُومَةٌ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ مِنْ حُكْمِهَا.

وَقِسْمٌ لَا يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ وَيَتَقَدَّرُ أَرْشُهُ وَهُوَ بَعْدَ الْمُوضِحَةِ فَيَجِبُ فِي الْهَاشِمَةِ عَشْرٌ مِنَ الإِبِلِ، وَفِي الْمُنَقِّلَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ بَعِيرًا، وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلْثُ الدِّيَةِ، ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ بَعِيرًا وَثُلُثٌ، وَكَذَلِكَ فِي الدَّامِغَةِ، وَكِتَابُ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ يَجْعَلُ الدَّامِغَةَ وَالْمَأْمُومَةَ سَوَاءً، وَيَجْعَلُهَا الدَّامِغَةَ غَيْرَ مُعَمَّمَةٍ وَهِيَ الثَّالِثَةُ الَّتِي تَلِي الدَّامِيَةَ، وَلِقَوْلِهِ وَجْهٌ، لِأَنَّهَا لَوْ زَادَتْ عَلَى الْمَأْمُومَةِ لَزَادَتْ عَلَى أَرْشِهَا.

وَقِسْمٌ يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ وَيَتَقَدَّرُ أَرْشُهُ وَهُوَ الْمُوضِحَةُ يَجِبُ فِيهَا خَمْسٌ مِنَ الإِبِلِ.

(فَصْلٌ)

فَإِذَا أَرَادَ القصاص من الموضحة فيقدر اعتباراها من رأس المشجوج فَاعْتُبِرَ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ:

أَحَدُهَا: مَوْضِعُهَا مِنْ رَأْسِهِ هَلْ هِيَ فِي مُقَدَّمِه، أَوْ مُؤَخَّرِهِ، أَوْ عَنْ يَمِينِهِ، أَوْ عَنْ يَسَارِهِ وَفِي يَافُوخِهِ أَوْ فِي هَامَتِهِ، أَوْ قَرَعَتِهِ، لِاسْتِحْقَاقِ الْمُمَاثَلَةِ فِي مَحَلِّهَا، فَلَا يُؤْخَذُ مُقَدَّمٌ بِمُؤَخَّرٍ وَلَا مُؤَخَّرٌ بِمُقَدَّمٍ وَلَا يُمْنَى بِيُسْرَى، كَمَا لا يؤخذ يمنى اليدين يسراها.

وَالثَّانِي: أَنْ يُقَدَّرَ مَا بَيْنَ طَرَفَيْهَا طُولًا لِئَلَّا يُزَادَ عَلَيْهَا أَوْ يُنْقَصَ مِنْهَا، لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَيْهَا عُدْوَانٌ وَالنَّقْصَ مِنْهَا بَخْسٌ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يُقَدَّرَ مَا بَيْنَ جَانِبَيْهَا عَرْضًا لِأَنَّهُ قد يوضح بالشي الْغَلِيظِ فَتُعَوَّضُ الْمُوِضِحَةُ وَيُوضَعُ بِالشَّيْءِ الدَّقِيقِ فَيَقِلُّ عَرْضُهَا فَيُعْتَبَرُ مِنْ مُوضِحِهِ الْمَشْجُوجِ لِهَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ، وَلَا يُعْتَبَرُ عُمْقُهَا، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الموضحة الْوُصُولُ إِلَى الْعَظْمِ فَسَقَطَ اعْتِبَارُ الْعُمْقِ، لِأَنَّهُ قَدْ تَغْلُظُ جِلْدَةُ الرَّأْسِ مِنْ بَعْضِ النَّاسِ وترق من آخر، فصار عتق الرَّأْسِ فِي سُقُوطِ اعْتِبَارِهِ جَارِيًا مَجْرَى مِسَاحَةِ الْأَطْرَافِ الَّتِي لَا تُعْتَبَرُ فِي الْقِصَاصِ، ثُمَّ يُعْدَلُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى الشِّجَاجِ فَيُحْلَقُ شَعْرُ رَأْسِهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَشْجُوجُ أَشْعَرَ أَوْ مَحْلُوقًا، لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ لَا تَتَحَقَّقُ إِلَّا بِمَعْرِفَةِ مَوْضِعِهَا عَنْ رَأْسِ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ، فَيُعْلَمُ فِي رَأْسِ الشَّاجِّ مَا قَدَّمْنَا اعْتِبَارَهُ مِنْ رَأْسِ الْمَشْجُوجِ، وَهُوَ مَوْضِعُهَا، وَطُولُهَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>