للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَبْلَكِ وَأَسْلَمْتِ بَعْدِي، وَقَدِ انْقَضَتْ عِدَّتُكِ فَلَا نَفَقَةَ لَكِ، وَتَقُولُ الزَّوْجَةُ: بَلْ أَسْلَمْتُ أَنَا قَبِلَكَ وَأَسْلَمْتَ بَعْدِي، وَقَدِ انْقَضَتْ عِدَّتِي فَلِيَ النَّفَقَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَا نفقة لها لأمران:

أحدهما: أنه مُدَّعِيَةٌ، وَهُوَ مُنْكِرٌ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْعَقْدَ ارْتَفَعَ بِاخْتِلَافِ الدِّينَيْنِ فَاقْتَضَى الظَّاهِرُ سُقُوطَ النَّفَقَةِ بِارْتِفَاعِهِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَخْتَلِفَا مَعَ بَقَاءِ النِّكَاحِ وَاجْتِمَاعِهِمَا فِي الْإِسْلَامِ فِيهِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ففي المراد باختلافهما في هذا الموضع ثلاث تَأْوِيلَاتٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ تَقُولَ الزَّوْجَةُ: أَسْلَمْتُ قَبْلَكَ، وَأَسْلَمَتَ بَعْدِي فِي الْعِدَّةِ فَلِيَ النَّفَقَةُ وَيَقُولُ الزَّوْجُ: بَلْ أَسْلَمْتُ أَنَا قَبْلَكِ وَأَنْتِ بَعْدِي فَلَا نَفَقَةَ لَكِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَا نَفَقَةَ لَهَا لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الأمرين.

والتأويل الثاني: أن يختلفا فتقول أَسْلَمْتُ قَبْلَكَ بِشَهْرٍ فَلِيَ عَلَيْكَ نَفَقَةُ شَهْرٍ، وَيَقُولُ الزَّوْجُ: بَلْ أَسْلَمْتِ قَبْلِي بِيَوْمٍ فَلَكِ نَفَقَةُ يَوْمٍ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ لِمَا ذَكَرْنَا.

وَالتَّأْوِيلُ الثَّالِثُ: أَنْ يَخْتَلِفَا فَتَقُولُ الزوجة لي مذ أَسْلَمْتُ بَعْدَكَ شَهْرٌ فَلِي نَفَقَةُ شَهْرٍ، وَيَقُولُ الزوج: لك مذ أَسْلَمْتِ بَعْدِي يَوْمٌ فَلَكِ نَفَقَةُ يَوْمٍ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَيْسَ لَهَا إِلَّا نَفَقَةُ يَوْمٍ وَاحِدٍ لِمَا ذَكَرْنَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[مسألة]

قال الشافعي: " وَلَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ إِنْ كَانَ حَلَالًا وَنِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا إِنْ كان حراماً ومتعةٌ إن لم يكن فرض لها لأن فسخ النكاح من قبله وإن كانت هي أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ فَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ صداقٍ ولا غيره لأن الفسخ من قبلها (قال) ولو أَسْلَمَا مَعًا فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ، لِأَنَّهُ قَدَّمَ حُكْمَ الْإِسْلَامِ قبل الدخول ثم ذكر هاهنا حُكْمَ الْإِسْلَامِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَتَقَدَّمَ إِسْلَامُ الزَّوْجِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَتَقَدَّمَ إِسْلَامُ الزَّوْجَةِ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يُسْلِمَا مَعًا فَإِنْ تَقَدَّمَ إِسْلَامُ الزَّوْجِ فَقَدْ بَطَلَ النكاح، لأن ما أفضى إلى الفرقة، أو كان قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَعَتْ بِهِ الْبَيْنُونَةُ كَالرِّدَّةِ، وَالطَّلَاقِ الرجعي، ولا عدة عليه لِعَدَمِ الدُّخُولِ بِهَا وَلَا نَفَقَةَ لَهَا لِسُقُوطِ الْعِدَّةِ عَنْهَا، فَأَمَّا الصَّدَاقُ فَلَهَا نِصْفُهُ، لِأَنَّ الْفَسْخَ مِنْ قِبَلِهِ بِسَبَبٍ لَا تَقْدِرُ الزَّوْجَةُ عَلَى تَلَافِيهِ فَأَشْبَهَ الطَّلَاقَ.

فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ كَانَ يُمْكِنُهَا تَلَافِيهِ بِأَنْ تُسْلِمَ مَعَهُ، قِيلَ: هَذَا يَشُقُّ فَلَمْ يُعْتَبَرْ وَرُبَّمَا تَقَدَّمَ إِسْلَامُهُ وَهِيَ لَا تَعْلَمُ، وَإِذَا كَانَ لَهَا الصَّدَاقُ لم تخل حَالُهُ فِي الْعَقْدِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ قَدْ سَمَّى فِيهِ مَهْرَ حَلَالٍ بها نصفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>