للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَرْبَعِ فَصَارَ أَخْذُهُ فِيهَا شُرُوعًا فِي التَّحْرِيمِ وَلِأَنَّهُ بِأَخْذِهِ فِي الشَّهَادَاتِ الْأَرْبَعِ كَالْمُطَوَّلِ شُرُوعُهُ فِي التَّحْرِيمِ وَهَذَا لَا يَمْنَعُ سُقُوطَ الْعَوْدِ، كَمَنْ قَالَ لَهَا بَعْدَ الْعَوْدِ أَنْتِ يَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ طَالِقٌ فَأَطَالَ ذِكْرَ الِاسْمِ بِالنَّسَبِ كَانَ كَمَنِ اقْتَصَرَ فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي سُقُوطِ الْعَوْدِ كَذَلِكَ هَذَا.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يُقَدِّمَ الظِّهَارَ ثُمَّ يَعْقُبُهُ بِالْقَذْفِ ثُمَّ يَعْقُبُهُ بِالتَّوَجُّهِ إِلَى الْحَاكِمِ وَالشُّرُوعِ فِي اللِّعَانِ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَكُونُ عَائِدًا يَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّ قَذْفَهَا بِالزِّنَا لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ التَّحْرِيمِ وَلَا مِنْ جُمْلَةِ اللِّعَانِ فَصَارَ عَائِدًا. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا يَكُونُ عَائِدًا وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ تَعْلِيلًا بِأَنَّ اللِّعَانِ لَا يَصِحُّ إِلَّا بِقَذْفٍ فَصَارَ الْقَذْفُ مِنْ أَسْبَابِ اللِّعَانِ، وَكَذَلِكَ التَّوَجُّهُ إِلَى الْحَاكِمِ فِي الْمُطَالَبَةِ بِاللِّعَانِ وَزُعِمَ أَنَّهُ وُجِدَ لِلْمُزَنِيِّ فِي جَامِعِهِ الْكَبِيرِ عَنِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ: وَسَوَاءٌ تَقَدَّمَ الظِّهَارُ الْقَذْفَ أَوْ تَقَدَّمَ الْقَذْفُ الظِّهَارَ، وَقَدْ أَنْكَرَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَوَاءً بَيْنَ مَنْ يُقَدِّمُ الظِّهَارَ عَلَى الْقَذْفِ وَبَيْنَ مَنْ يُقَدِّمُ الْقَذْفَ عَلَى الظِّهَارِ فِي ثُبُوتِ الْعَوْدِ لَا فِي سُقُوطِهِ وَاللَّهُ أعلم.

[(مسألة:)]

قال المزني رضي الله عنه (قَالَ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى لَوْ تَظَاهَرَ مِنْهَا يَوْمًا فَلَمْ يُصِبْهَا حَتَّى انْقَضَى لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ كَمَا لَوْ آلَى فَسَقَطَتِ الْيَمِينُ سَقَطَ عَنْهُ حُكْمُ اليمين (قال المزني) رحمه الله أَصْلُ قَوْلِهِ إِنَّ الْمُتَظَاهِرَ إِذَا حَبَسَ امْرَأَتَهُ مُدَّةً يُمْكِنُهُ الطَلَاقُ فَلَمْ يُطَلِّقْهَا فِيهَا فَقَدْ عاد ووجبت عليه الكفارة وقد حبسها هذا بعد التظاهر يوما يمكنه الطلاق فيه فتركه فعاد إلى استحلال ما حرم فالكفارة لازمة له في معنى قوله وكذا قال لو مات أو ماتت بعد الظهار وأمكن الطلاق فلم يطلق فعليه الكفارة) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ الظِّهَارَ ضَرْبَانِ: مُطْلَقٌ وَمُقَيَّدٌ.

فَالْمُطْلَقُ: أَنْ يَقُولَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَلَا يَقْدُرُ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ وَالْعَوْدُ فِيهِ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ إِمْسَاكِهَا بَعْدَ الظِّهَارِ مُدَّةً يَقْدِرُ فِيهَا عَلَى الطَّلَاقِ. فَأَمَّا الْمُقَيَّدُ فَهُوَ أَنْ يَقُولَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ سَنَةً وَلَا يُطْلِقُهُ عَلَى التَّأْبِيدِ فَفِي كَوْنِهِ مُظَاهِرًا قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الظِّهَارِ يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ كَالْأُمِّ فَإِذَا قَدَّرَهُ بِمُدَّةٍ يَخْرُجُ بِالتَّقْدِيرِ مِنْ حُكْمِ الظِّهَارِ وَصَارَ كَمَنْ شَبَّهَ امْرَأَتَهُ بِمَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>