وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُحَدِّثُ أَعْمَى أَوْ أَصَمَّ وَلَا يَصِحُّ السَّمَاعُ إِنْ كَانَ الْمُتَحَمِّلُ أَصَمَّ وَيَصِحُّ إِنْ كَانَ أَعْمَى.
وَأَمَّا الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ فِي قِرَاءَةِ الْمُسْتَمِعِ عَلَى الْمُحَدِّثِ فَيَصِحُّ تَحَمُّلُهُ كَمَا لَوْ قَرَأَهُ الْمُحَدِّثُ وَهَكَذَا لَوْ قَرَأَهُ غَيْرُ الْمُسْتَمِعِ عَلَى الْمُحَدِّثِ كَانَ كَمَا لَوْ قَرَأَهُ الْمُسْتَمِعُ.
وَمِنْ شَرْطِ صِحَّةِ السَّمَاعِ فِي هَذَا شَيْئَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْمُحَدِّثُ سَمِيعًا وَإِنْ كَانَ أَصَمَّ لَمْ يَصِحَّ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَعْتَرِفَ الْمُحَدِّثُ بِصِحَّةِ مَا قَرَأَهُ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: الْإِجَازَةُ فَلَا يَصِحُّ التَّحَمُّلُ بِالْإِجَازَةِ.
وَأَجَازَهُ بَعْضُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ، وَاعْتَبَرَ بَعْضُهُمْ فِي صِحَّةِ الْإِجَازَةِ أَنْ يُسَلِّمَ الْمُحَدِّثُ الْكِتَابَ مِنْ يَدِهِ عِنْدَ إِجَازَتِهِ فَيَصِحُّ التَّحَمُّلُ إِذَا قَالَ قَدْ أَجَزْتُكَ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ، وَلَا يَصِحُّ إِنْ لَمْ يُسَلِّمِ الْكِتَابَ.
وَكُلُّ هَذَا لَا يَصِحُّ فِيهِ التَّحَمُّلُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَلَوْ صَحَّتِ الْإِجَازَةُ بَطَلَتِ الرِّحْلَةُ وَقَدْ يَتَدَلَّسُ فِي الْإِجَازَةِ الْفَاسِدُ بِالصَّحِيحِ. وَالْمَجْهُولُ بِالْمَعْرُوفِ.
وَأَمَّا الْحَالُ الرَّابِعَةُ: فِي مُكَاتَبَةِ الْمُحَدِّثِ بِالْحَدِيثِ فَلَا يَصِحُّ فِيهَا التَّحَمُّلُ.
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ كُتُبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى عُمَّالِهِ بِالسُّنَنِ وَالْأَحْكَامِ كُتُبًا عَمِلُوا عَلَيْهَا وَأَخَذَ النَّاسُ بِهَا. مِنْهَا كِتَابُهُ إِلَى عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي الدِّيَاتِ، وَالصَّحِيفَةُ الَّتِي أَخَذَهَا أَبُو بَكْرٍ مِنْ قِرَابِ سَيْفِهِ فِي نُصُبِ الزَّكَاةِ، قِيلَ: قَدْ كَانَتْ تَرِدُ مَعَ رُسُلٍ يُعَوَّلُ عَلَى خَبَرِهِمْ بِهَا.
وَيَصِحُّ سَمَاعُ غَيْرِ الْبَالِغِ إِذَا كَانَ مُمَيِّزًا قَدْ سَمِعَ ابْنُ أَبِي بَكْرٍ وَكَانَ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ حِينَ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَدْ سَمِعَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَبْلَ بُلُوغِهِ فَقَبِلَ النَّاسُ رِوَايَتَهُمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ.
وَهَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُسْتَمِعُ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ أَوْ فَاسِقًا ثُمَّ اعْتَدَلَ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ التَّحَمُّلِ هُوَ صِحَّةُ التمييز وحده.
[(فصل: [القول في صفة الأداء] )]
:
فَأَمَّا الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي صِفَةِ الْأَدَاءِ: فَيُعْتَبَرُ فِي الْمُحَدِّثِ إِذَا رَوَى بَعْدَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ شُرُوطِ التَّحَمُّلِ شَرْطَانِ:
أَحَدُهُمَا: بِذِكْرِ إِسْنَادِهِ.
وَالثَّانِي: التَّحَرِّي فِي لَفْظِ مَتْنِهِ.