أحدهما: أن لا يُسْتَكْمَلَ إِسْلَامُ مَنْ يَحِلُّ لَهُ فِي الرِّقِّ.
وَالثَّانِي: أَنْ لَا يُسْتَكْمَلَ فَإِنِ اسْتُكْمِلَ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُسْلِمَ قَبْلَ عِتْقِهِ اثْنَتَانِ وَبَعْدَ عِتْقِهِ اثْنَتَانِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُمْسِكَ مِنْهُنَّ إِلَّا اثْنَتَيْنِ، كَمَا لَوْ أَسْلَمَ جَمِيعُهُنَّ قَبْلَ عِتْقِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اجْتَمَعَ إِسْلَامُهُ وَإِسْلَامُ اثْنَتَيْنِ فِي الْعُبُودِيَّةِ فَقَدِ اسْتَوْفَى حَقَّهُ مِنْ عِدَدِ الْمَنْكُوحَاتِ في العبودية، وصار حراً مِنَ الزِّيَادَةِ مَمْنُوعًا فَاسْتَقَرَّ حُكْمُ الْمَنْعِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَكْمِلِ الْعَدَدَ قَبْلَ عِتْقِهِ بَلْ أَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ قَبْلَ الْعِتْقِ، وَثَلَاثٌ بَعْدَهُ فَالَّذِي يَقْتَضِيهِ حُكْمُ التَّعْلِيلِ أَنْ يَجُوزَ لَهُ إِمْسَاكُ الْأَرْبَعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ حَقَّهُ فِي الْعُبُودِيَّةِ، حَتَّى بِحُدُوثِ الْحُرِّيَّةِ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَسْلَمْنَ بَعْدَهَا، وَإِنْ كَانَ فِيهِ احْتِمَالٌ ضَعِيفٌ أَنَّهُ قَدْ وَصَلَ مِنْهُنَّ إِلَى بَعْضِ حَقِّهِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهُنَّ إِلَّا بَاقِيه وَهوَ وَاحِدَةٌ فَلَا يُمْسِكُ مِنْهُنَّ إِلَّا اثْنَتَيْنِ ثُمَّ هَكَذَا لَوْ تَقَدَّمَ إِسْلَامُهُنَّ عَلَيْهِ ثُمَّ أُعْتِقَ اعْتُبِرَ حَالُ عتقه، فإن أعتق قَبْلَ إِسْلَامِهِ أَمْسَكَ الْأَرْبَعَ وَإِنْ أُعْتِقَ بَعْدَ إسلامه أمسك اثنتين.
فَصْلٌ
فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا ذَكَرْنَا فَإِنْ جَوَّزْنَا له إمساك الربع فَلَا خِيَارَ لَهُ كَمَا لَا خِيَارَ لِلْحُرِّ إذا أسلم مع أربع. وإن منعناه إلا مِنِ اثْنَتَيْنِ كَانَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَهُمَا مِنَ الْأَرْبَعِ وَسَوَاءٌ اخْتَارَ مَنْ أَسْلَمَ قَبْلَ عِتْقِهِ أو بعده وينفسخ باختيارها نِكَاحُ الْبَاقِينَ وَهَكَذَا لَوْ فَسَخَ نِكَاحَ اثْنَتَيْنِ ثبت نكاحهما اختيار الباقين، فإن اخْتَارَ اثْنَتَيْنِ، وَفَسَخَ نِكَاحَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُ أَنْ يَسْتَأْنِفَ الْعَقْدَ عَلَيْهِمَا، لِأَنَّهُ حُرٌّ يَسْتَبِيحُ نِكَاحَ أَرْبَعٍ، وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهِمَا فِي العدة، لأنهما منه.
[مسألة]
قال الشافعي: " ولو أَسْلَمَ وَأَسْلَمَ مَعَهُ أَرْبَعٌ فَقَالَ قَدْ فَسَخْتُ نِكَاحَهُنَّ سُئِلَ فَإِنْ أَرَادَ طَلَاقًا فَهُوَ مَا أَرَادَ وَإِنْ أَرَادَ حِلَّهُ بِلَا طلاقٍ لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا وَأُحْلِفَ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: إِذَا قَالَ لِأَرْبَعِ زَوْجَاتٍ أَسْلَمْنَ مَعَهُ قَدْ فَسَخْتُ نِكَاحَهُنَّ سُئِلَ: فَإِنْ أَرَادَ بِالْفَسْخِ لا حسماً له، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ بِهِ الطَّلَاقَ قُبِلَ مِنْهُ؛ لأن الفسخ كتابة فِيهِ، وَهُنَّ زَوْجَاتٌ يَقَعُ عَلَيْهِنَّ الطَّلَاقُ، وَيَكُونُ إِيقَاعُهُ لِلطَّلَاقِ عَلَيْهِنَّ تَحْقِيقًا لِثُبُوتِ نِكَاحِهِنَّ، فَإِنْ أَكْذَبْنَهُ فِي إِرَادَةِ الطَّلَاقِ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ عَنْهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ، وَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ بِالْفَسْخِ حَلَّ النِّكَاحِ وَرَفْعَ الْعِقْدِ بِغَيْرِ طَلَاقٍ، كَمَا يُفْسَخُ نِكَاحُ مَنْ زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَهُنَّ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ يَقَعُ عَلَى مَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ إِمْسَاكُهَا، وَيَجُوزُ لَهُ إِمْسَاكُ الْأَرْبَعِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَفْسَخَ نِكَاحَهُنَّ، فإن أكذبنه وقلن: أراد بالفسخ الطلاق أحلف بِاللَّهِ تَعَالَى مَا أَرَادَ بِهِ الطَّلَاقَ، فَإِنْ نَكَلَ حُلِّفْنَ وَطُلِّقْنَ، وَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ بِالْفَسْخِ طَلَاقَ اثْنَتَيْنِ وَحَلَّ نِكَاحِ اثْنَتَيْنِ وَقَعَ الطَّلَاقُ على من أرادهما بالفسخ ولهما إحلافه وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ وَاحِدًا، وَيَخْتَلِفُ حُكْمُهُ فِيهِنَّ بِاخْتِلَافِ النِّيَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
قال الشافعي: " وَلَوْ كُنَّ خَمْسًا فَأَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ فِي الْعِدَّةِ فَقَالَ قَدِ اخْتَرْتُ حَبْسَهَا حَتَّى قَالَ ذَلِكَ لِأَرْبَعٍ ثَبَتَ نِكَاحُهُنَّ بِاخْتِيَارِهِ وَانْفَسَخَ نِكَاحُ الْبَوَاقِي ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: إِذَا تَزَوَّجَ المشرك بأكثر من أربع كأنه تَزَوَّجَ ثَمَانِيَ زَوْجَاتٍ ثُمَّ أَسْلَمَ، وَأَسْلَمَ مَعَهُ مِنْهُنَّ أَرْبَعٌ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ ذكرناها:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute