للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَبَاطِلٌ بِالْأَعْمَى وَالزَّمِنِ وَالرُّهْبَانِ وَأَصْحَابِ الصَّوَامِعِ، دِمَاؤُهُمْ مَحْقُونَةٌ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَيُقْتَلُونَ بِالرِّدَّةِ عَنِ الْإِسْلَامِ، عَلَى أَنَّ الْحَرْبِيَّةَ لَمَّا جَازَ إِقْرَارُهَا عَلَى كُفْرِهَا لَمْ تُقْتَلْ، وَلَمَّا لَمْ يَجُزْ إِقْرَارُ الْمُرْتَدَّةِ عَلَى كُفْرِهَا قُتِلَتْ، لِأَنَّ وُقُوعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي الْإِقْرَارِ عَلَى الْكُفْرِ يَمْنَعُ مِنْ تساويهما في الحكم والله أعلم.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " (وَقَالَ فِي الثَّانِي) فِي اسْتِتَابَتِهِ ثَلَاثًا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا حَدِيثُ عُمَرَ يُتَأَنَّى بِهِ ثَلَاثًا وَالْآخَرُ لَا يُؤَخَّرُ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يأمر فيه بأناة وهو لو تؤتي به بعد ثلاث كهيئته قبلها) .

[(مسألة)]

قال الشافعي رحمه الله: " وهذا ظاهر الخبر (قال المزني) وأصله الظاهر وهو أقيس على أصله) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: يُسْتَتَابُ الْمُرْتَدُّ قَبْلَ قَتْلِهِ، فَإِنْ تَابَ حُقِنَ دَمُهُ.

وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: يُقْتَلُ مِنْ غَيْرِ اسْتِتَابَةٍ.

وَقَالَ عَطَاءٌ: إِنْ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ قُتِلَ مِنْ غَيْرِ اسْتِتَابَةٍ وَإِنْ وُلِدَ فِي الْكُفْرِ ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يُقْتَلْ إِلَّا بَعْدَ الِاسْتِتَابَةِ.

اسْتِدْلَالًا: بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ) فَلَمْ يَأْمُرْ فِيهِ إِلَّا بِالْقَتْلِ دُونَ الِاسْتِتَابَةِ.

ولِأَنَّ قَتْلَ الرِّدَّةِ حَدٌّ كَالرَّجْمِ فِي الزِّنَا، فَلَمَّا لَمْ يَلْزَمِ اسْتِتَابَةُ الزَّانِي لَمْ يَلْزَمِ اسْتِتَابَةُ الْمُرْتَدِّ.

وَدَلِيلُنَا: مَا رَوَاهُ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: " ارْتَدَّتِ امْرَأَةٌ يَوْمَ أُحُدٍ فَأَمَرَ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنْ تُسْتَتَابَ، فَإِنْ تَابَتْ وَإِلَّا قُتِلَتْ) وَهَذَا نَصٌّ.

وَرُوِيَ أَنَّ رَجُلًا قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ قِبَلِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: هَلْ كَانَ فِيكُمْ مِنْ مُغَرِّبَة خَبَرٍ؟

فَقَالَ: نَعَمْ رَجُلٌ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ، فَقَتَلْنَاهُ.

فَقَالَ عُمَرُ: هَلَّا حَبَسْتُمُوهُ ثَلَاثًا، وَأَطْعَمْتُمُوهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ رَغِيفًا، وَاسْتَتَبْتُمُوهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ، اللَّهُمَّ لم أحضر ولم أمر. . ولم أرضى إِذْ بَلَغَنِي، اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ دَمِهِ.

وَرُوِيَ: أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَتَبَ إِلَى عثمان - رضي الله عنهما - فِي قَوْمٍ ارْتَدُّوا فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ: ادْعُهُمْ إِلَى دِينِ الْحَقِّ وَشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِنْ أَجَابُوا فَخَلِّ سَبِيلَهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>